إن المرء لتتملكه الشفقة، وتأخذه الرحمة، وتغشاه الحسرة والألم إذا رأى فئاماً من شبابنا وفتياتنا يجهدون أنفسهم بالنصب والتعب والمشقة في صيام رمضان!! فيحرمون أنفسهم من طيبات أحلت لهم!! ويأكلون الثرى من شدة العطش، بطونهم غرثى من الجوع! وأكبادهم حرى من العطش!! ومع هذه الجهود العظيمة، ومجاهدة النفس، والمعاناة يرى أنهم يبنون قصوراً!! لكنهم يهدمون أمصارا كاملة!! فعملهم يذهب عليهم هباءً منثوراً!! كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء!! إنهم ضل سعيهم في الحياة الدنيا!! وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
|
واعلم بأن الأجر ليس بحاصل |
إلا إذا اجتمعت له شرطان |
لا بد من إخلاصه وصفائه، |
ونقائه من سائر الأدران |
وكذا متابعة الرسول فإنها |
شرط بحكم نبينا العدنان!! |
إنهم الذين يصومون ولا يصلون!! إنهم الذين ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش!! وأنا أعلم أنه سيستغرب هذا الكلام أناس، وربما وصفوني بالتشدد و.. ولكن هذا ليس من بنيات أفكاري، أو نسج خيالي.. حتى وإن كان في الناس كثيراً فالله يقول: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} (116) سورة الأنعام، ولكي لا تأخذنا العواطف، والأشجان أنقلكم لأقوال العلماء الكبار المحققين فقد صدرت فتوى هيئة كبار علماء المملكة، وأفتى بذلك الشيخ ابن عثيمين وغيره من العلماء بأن من صام وهو تارك للصلاة فإن صيامه باطل ولا يقبل!! ولعل أقرب وصف لهؤلاء هو قول الله سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ} ثم قال: {تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً}، لأنهم يعبدون الله على جهل!! فلا بد للعمل من شروط يؤتى من خلالها، فالعبادات توقيفية شرعية، غير قابلة للاجتهاد!! قال صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وإليك نموذج واحد فقط من فتاوى العلماء في هذا الأمر الخطير!!
|
س: يعيب بعض علماء المسلمين على المسلم الذي يصوم ولا يصلي، فما دخل الصلاة في الصيام؟ فأنا أريد أن أصوم لأدخل مع الداخلين في باب الريان، ومعلوم أن رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن، أرجو التوضيح وفقكم الله؟
|
- الذين عابوا عليك أنك تصوم ولا تصلي على صواب فيما عابوه عليك، وذلك لأن الصلاة عمود الإسلام، ولا يقوم الإسلام إلا بها، والتارك لها كافر خارج عن ملة الإسلام، والكافر لا يقبل الله منه صياماً، ولا صدقة، ولا حجاً ولا غيرها من الأعمال الصالحة لقول الله تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} (54) سورة التوبة، وعلى هذا فإذا كنت تصوم ولا تصلي، فإننا نقول لك أن صيامك باطل غير صحيح، ولا ينفعك عند الله، ولا يقربك إليه، وأما ما توهمته من أن رمضان إلى رمضان مكفراً لما بينهما فإننا نقول لك: إنك لم تعرف الحديث الوارد في هذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) فاشترط النبي صلى الله عليه وسلم لتكفير رمضان إلى رمضان اشترط أن تجتنب الكبائر وأنت أيها الرجل الذي لا تصلي وتصوم لم تجتنب الكبائر، فأي كبيرة أعظم من ترك الصلاة؟! بل إن ترك الصلاة كفر، فكيف يمكن أن يكفر الصيام عنك، فترك الصلاة كفر، ولا يقبل منك الصيام، فعليك يا أخي أن تتوب إلى ربك. اللجنة الدائمة - وابن عثيمين.
|
وهذا هو قول جمهور الصحابة رضي الله عنهم، وقول جماهير العلماء والمعتمد بأقوالهم!! فلنعد؟؟ إلى الله عودة حميدة، ولنتب إلى الله توبة نصوحاً! عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم، ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار!! فباب التوبة مفتوح، والله يقول: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} (38) سورة الأنفال، فلا تيأس أخي من رحمة الله ولا تقنط من روح الله.. {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (53) سورة الزمر، فبادر إلى ربك واستدرك ما بقي لك من سويعات العمر قبل أن يفاجئك هادم اللذات.. فتندم ولات ساعة مندم!! باب التوبة مفتوح، والتوبة تجب ما قبلها.
|
رياض الخبراء |
|