في كل عام يطل علينا رمضان إطلالة ضيف يحتفى به من جميع المسلمين، فما أن يهل هلاله، وتتلألأ أنواره يتغير وجه الزمان بفرحة البلدان والديار المسلمة، فإعلامها المقروء والمرئي والمسموع يشغل الدنيا بإعلان البهجة بحلوله وتنطلق أقلام الكتاب بتنميق صادق العبارات بالفرحة به لأنه شهر خير يوعدون به إن صدقوا في معاملة روحانيته طمعاً في نيل الرحمة من أوله، والمغفرة في أوسطه، والنجاة من النار في آخره، كما بين لنا ذلك نبي الهدى ورسول الرحمة، وتتسابق أقلام كتاب المسلمين في ذكر الشواهد بفضله مما جاء به القرآن، أو روي من السنة المحمدية أو ما نقل عن الأئمة والتابعين من أقوال لا تعدوا عن كونها غذاء روحياً لكل مسلم يلتمس فيها الأجر، ويتخذ من رمضان منطلقاً لترك المعاصي، والعادات السيئة التي تمارس من قبل مجيئه، فيجعل صومه ليس عن الأكل والشراب في نهاره، وإنما يواصل صوم جوارحه عما كان يخل بها، فيطهرها به تطهيراً يلازم حياته بصفة دائمة يحمد بها ويؤجر عليها.