من نعم الله علينا في شهر الصيام تلاوة القرآن والتقرب إلى الكريم المنان بذلك حيث تلتجئ الأفئدة له وتطمئن بذكره حينما يتلو المسلم القرآن الكريم ويختمه في رمضان، وإن المرء ليسعد برؤية الكثير من المسلمين وهم يتلون كتاب الله بعيد كل صلاة في المسجد بأصوات ندية شجية لهم ذوي كدوي النحل وهذه سمة بارزة نراها كل عام في شهر الصيام، ولا عجب فرمضان شهر القرآن والغفران فيه أنزل الكتاب على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال الباري جل وعلا في سورة البقرة: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} الآية.
وجميل بنا أن نقرأ القرآن في رمضان لتزداد حسناتنا وتطمئن قلوبنا متدبرين له خاشعين عند تلاوته حتى نختمه ونختم شهرنا وفي جعبتنا الكثير من الحسنات لتبقى رصيداً لنا يوم الجزاء والعرض على رب الأرض والسموات، وحري بالمرء أن يقوم بذلك ليكسب مزيداً من الأجر إذ إن لنا في كل حرف نقرؤه حسنة والحسنة بعشرة أمثالها كما أخبر الصادق المصدوق بذلك، ونحافظ على تلاوته بعد رمضان الذي ربانا على قراءة كتاب الله وتدبره، ولا يكن حالنا كحال من لا يقرأ القرآن إلا في رمضان فنكون من القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، نهجره والعياذ بالله في كل الشهور وإذا جاء رمضان نفتحه ونتلو آياته، وقد شكى النبي إلى ربه هجر قومه للقرآن كما جاء عن ربنا في سورة الفرقان: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} ومن يتأمل حال البعض من المسلمين في هذا الزمان يرى هجرهم للقرآن فهم لا يتلونه ولا يمرون عليه ويحرصون على فتحه إلا في شهر الصيام وكأن القراءة له لا تكون إلا في رمضان صحيح أن شهر الخيرات له مزايا وخصائص تميزه عن غيره لكنه مزرعة ومدرسة لما بعده يتربى فيه المسلم على فعل الخيرات التي يتقرب بها إلى رب البريات ومن ذلك ختم القرآن والحرص على تلاوته أناء الليل وأطراف النهار، وبلاشك من حافظ على كتاب الله وتلاه ليلاً ونهاراً بقلب منيب خاشع، مؤمناً به مطبقاً لما فيه فاز بالأجر والثواب من الله وما أعده للمتقين من الجنان والنعيم المقيم، ومن علامات قبول العمل ومن ذلك قراءة القرآن الكريم المداومة عليه بعد رمضان، ولن يكون هناك أفضل من تلاوة كتاب الله الذي فيه كل خير وراحة النفس وطمأنينة القلب، والأجر العظيم، يقول جل من قائل عليماً في سورة الرعد: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} فلنحافظ أيها الأحباب على تلاوته وتطبيق ما جاء فيه طوال حياتنا لنسعد في الدارين، سائلاً منزل الكتاب ومجري السحاب أن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب غمومنا وهمومنا، وأن يجعله حجة لنا لا علينا، وقائدنا ودليلنا إلى رضوانه وجناته، ويختم لنا شهرنا برضوانه والعتق من النيران، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرس