الإنصاف مهم جدًّا، ويدخل في كل تفاصيل حياة الناس، الذين لو وضعوا هذه القيمة الخُلُقية نصب أعينهم وتكاتفوا وتحابوا وتعاملوا مع بعضهم بعضاً من منظور الاحترام المتبادل فإن كل المشاكل ستتلاشى أو تصبح
قليلة جدا!! وهذا دليل على أن إصلاح ذات البَيْن له دور مؤثر في هذا السياق.
لذا فإن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله ورعاه - من خلال قلبه الأبيض الكبير وعطفه الأبوي الحاني على أفراد شعبه وأعماله الجليلة الخالصة لوجه الله أصدر توجيهاته السامية بإيجاد لجان مناط بها الإصلاح والتسامح والعفو بين أبناء هذا الوطن.
لقد أثمرت هذه التوجيهات؛ فها نحن نسمع ونقرأ بين الحين والآخر عن قصة عفو وعن حكاية صلح، وكذلك التنازل عن حق مقرر شرعًا بحكم مبدأ العدل وترك العقاب على ذنب تم اقترافه؛ لأن مليكنا المفدى يؤمن بأن العفو له مكانة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى، الذي قال في كتابه العزيز ?إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا? (149) سورة النساء.
كما أن الإسلام بهيبته وسماحته أكد على فضيلة العفو وما لهذه الفضيلة من أهمية كبرى لدى الناس كبيرهم وصغيرهم، الذين يجمعون على أن العفو يمثل ركيزة مهمة من ركائز المجتمع السعودي وأخلاقياته وأصالته وشهامته وأمجاده، ويدركون أن كل مَنْ يقدم على العفو متمسك بأوامر الله ويتبعها.
لقد عرف المواطن السعودي بل وحتى العربي العفو، واعتبروه من شيم الكرام، ومارسوه مع الحكمة والصبر والحلم والتغلب على الغضب.. وقصص العفو في مجتمعنا كثيرة ولا حصر لها، وستبقى بحول الله إلى الأبد، والذين يسعون لإصلاح ذات البين أيضًا لا حصر لهم؛ ففي منتصف شهر رمضان المبارك لهذا العام 1431ه حدثت مشاجرة بين مجموعة من الشباب، كان من نتائجها إصابة أحد هؤلاء بإصابات خطيرة، وقد ذهب بعض الرجال إلى الشيخ عبدالله العاصي الجربا طالبين منه التدخل المباشر لإنهاء هذه المشكلة، الذي قام بدور مهم تمثل في تكفله بتنازل المصاب وتكفله ماديا بعلاجه، وتم إطلاق سراح السجين بعد التنازل. والمفرح في الأمر أن الشاب المصاب بعد أن تنازل في قسم الشرطة طلب منهم إطلاق سراح السجين وأصر على ذلك هو ومن معه، وهذا لا يستغرب على هذا الشاب وزميله، ولا يستغرب على الجربا الذي أكد أن توجيهات الملك المفدى وولي عهده وسمو النائب الثاني وسمو الأمير سلمان هي التي أتاحت الفرصة لأهل الجاه والوجهاء للتدخل المباشر في حل القضايا والصلح والعفو والتآلف بين الناس والبُعد عن الشرور؛ لأننا أمة واحدة وهدفنا واحد. فشكرًا لصاحب العدل والعفو عبدالله بن عبدالعزيز الذي يشرك شعبه في كل ما من شأنه الصلاح والرقي والتقدم والرفعة وحفظ الحقوق ومناصرة الحق، وشكرًا لكل من يساهم في هذه الجوانب المهمة والإنسانية، وشكرًا لأهل العفو ولكل المجتمع النبيل.. نعم نحن أهل العفو وأهل القيم والشيم.