بعد تتبع سريع لعدد من الأعمال الدرامية العربية التي تُقدم وكالعادة في الموسم الرمضاني لهذا العام 2010م، ومن خلال المسلسلات التي بُثت وتم عرضها في رمضان (وحتى نكون منصفين وغير متسرعين في إطلاق أحكامنا) نجد بأن الجميع لا يزال يدور في نفس الفلك الذي عرفناه به.
الأعمال السعودية مجتهدة فقط في الكوميديا ك(طاش ما طاش أو بيني وبينك أو سكتم بكتم وغشمشم وكذلك مزحة برزحة)، والخليجية ما بين الكوميديا والأعمال الاجتماعية التي تقدم البكاء وتقدم الفرق في الأوساط المختلفة وبالذات الوسط الثري والوسط الكادح كعمل (زوارة خميس وليلة عيد)، والأعمال السورية لا تستطيع تقديم نفسها سوى في الأعمال الشعبية والتاريخية ونجدها في (باب الحارة) مثلاً أو (القعقاع أبو عمر التميمي)، أما الأعمال المصرية فهي الأخرى تكون في الدراما الاجتماعية مع تقديم أعمال تكون صبغتها بشكل كوميدي ومنها (زهرة وأزواجها الخمسة) أو (عايزة أتجوز).
وحتى نحكم بصدق فأغلب الأعمال العربية حتى الآن لم تكن بحجم تلك المصروفات التي أُنفقت عليها، ولا أرغب أن أسوق نظرتي على كل الأعمال، هناك أعمال قليلة جداً تقدم ما يخدم المتلقي، وحتى لا تكون نظرتي سوداوية ، يبدو أن عامل الوقت قد أضر بالجميع، فتنافس القنوات الفضائية في عرض الأعمال لم تمكن الجميع من إطلاق حكمها، القنوات لا تتحمل كل أسباب تكرار الأعمال كونها حريصة في استباق منافساتها للحصول على أكبر كم من المردود المالي، ولكنها افتقدت أغلب القنوات إلى الإنتاج الخاص التي قد يميزها عن غيرها، ونشاهد بعض الأعمال تعرض في أكثر من قناة.
ولأن «الجمهور عاوز كدا» فقد سرت هذه الحكمة على الأعمال المقدمة حالياً فالأعمال التي شهدت نجاحاً في الأعوام الماضية تحاول إنتاج أجزاء جديدة بنفس الأفكار والوجوه، والأعمال التي تقدم بشكل جديد نجدها طبق الأصل من أفكار تمت مناقشتها وبمعنى أصدق أصبحت (أفكاراً مستهلكة) بات المتلقي يستنتج ما سيدور في الحلقة الأخيرة ولم يمضِ على العمل سوى سبع أو ثمان حلقات.
الأعمال الدرامية لهذا العام لم تخرج من عباءتها المعروفة، ولذا لم تقدم أي فائدة مرجوة تنتظرها الجماهير العريضة، بالعكس بعض الأعمال تقدم شيء غير واقعي وأعمال فقط تحاول أن يُركز عليها الضوء بأفكارها التي قد لا تعكس واقعنا المسلم، فمثلاً عمل زهرة وأزواجها الخمسة يطرح قضية لم تتناسب ولا تتماشى مع واقعنا المسلم، العمل قُدم فقط لمجرد حصولها على الإثارة حتى تكون متابعة، ومثال ذلك ما فعلته نقابة الممرضين في مصر من تقديم شكوى لإساءة هذا العمل للممرضات في مصر، أيضاً عمل (المسيح) والذي اضطرت قناتا المنار وnbn إلى وقفه بعد العديد من الشكاوى المقدمة كونه يتعرض بشكل سلبي.
لا أريد أن أكون سلبياً في نظرتي فهناك أعمال كان لها حضور وطرحت أفكار غاية في الأهمية كإحدى حلقات طاش 17 والتي تكلمت ببساطة وبسهولة عن التعايش مع الأديان الأخرى.
الأسباب عديدة تسببت بصدق في تراجع الأعمال الدرامية العربية، وبات المتلقي العربي أكثر ذكاء من المنتجين حيث شاهدنا حتى الآن رغبة صادقة في عدم متابعة العديد من الأعمال والتي لا تقدم أي مفيد لهم، المنتج يتحمل جزء كبير يبحث فقط عن تسويق عمله بالطريقة التي يراها مناسبة حتى لو كان ذاك بأعمال غير واقعية، الممثل يحرص فقط كم سيكون نصيبه وكم أجره من المشاركة في هذا العمل، القناة التي ستعرض العمل تسوق بشكل مكثف لعملها حتى تكسب أكبر قدر من المعلنين، الوحيد الذي استطاع أن ينجح بين أولئك هو المتلقي الذي أدار ظهره لهذه الأعمال ولم يلقي لها بال، وأصبح فقط يتابع من عملين إلى ثلاثة في الموسم الرمضاني.
وحتى نجتهد في متابعة الأعمال، يجب أن يكون هناك تضافر للجهود من الجميع وأقصد الجميع هناك المنتج، الممثل، فكرة العمل، لماذا لا نشاهد مثلاً عملاً رمضانيا يكون له هناك أكثر من منتج، وأكثر من نجم عربي من عدة بلدان، وان تكون فكرة العمل في مناقشة الهم العربي بشكل عام أو مناقشة قضايا ترتبط فيها عدد من البلدان، ومثل هذه القضايا عديدة وكثيرة جداً فمجتمعنا العربي مليء بالقضايا التي لم تُطرح وتُناقش بشكلها الصحيح، وأن تسهم ثلاث من أهم القنوات العربة في إنتاج هذا العمل.
وحتى لا يكون حديثي محسوباً عليه فلا أستطيع أن أذكر أسماء الأعمال التي تميزت هذا العام، بالنسبة لي لدي فقط أربعة أعمال أتابعها في الموسم الدرامي، وبقية الأعمال للأسف لم توفق في شد انتباهي لها.
ختاماً فعلا أتمنى أن أجد عملاً درامياً عربياً يستحق أن أتابعه في رمضان القادم.
* starabha@hotmail.com