الجزيرة - عبد الله الحصان
حذّر مختصون من التوسع غير المدروس في قطاع العقار التجاري، موضحين في حديث ل «الجزيرة» أنه في حال انخفاض الطلب على المباني التجارية، سيطال الضرر بشكل مباشر كل من المستثمرين والمطورين، وأيضاً البنوك الممولة رغم ضمان حقها من خلال امتلاك المشروع الممول، وذلك بسبب انخفاض قيمة الأصول وعدم توفر سيولة. وأكد المختصون أن البنوك بدأت بوضع آليات لإصدار صكوك لاستبدال أصولها العقارية بها، مما يوفر السيولة وينتقل ملكية الأصول إلى مستثمرين.
وكتسلسل زمني لهذا التوسع، أوضح المستشار الاقتصادي الدكتور محمد الجديد ل»الجزيرة» أنه خلال السنوات الأربع الماضية «شهدت المملكة نمواً كبيراً على كافة الأصعدة الاقتصادية مع زيادة في عوامل الثقة، وفرت من خلالها السيولة والمرونة في شروط التمويل العقاري للشركات»، مضيفاً أن «جميع هذه العوامل شجعت المستثمرين على التوسع في هذا المجال، على افتراض أن النمو الاقتصادي في المملكة سيزيد من عدد الشركات الموجودة، وبالتالي سيزيد الطلب على العقارات، فنجد حالياً توسعاً كبيراً في الأبراج بطريق الملك فهد أو الدائري الشمالي والشرقي، وجميع من يقوم ببناء هذه المجمعات هم مستثمرون أفراد أو شركات تطوير عقارية أو صناديق للدولة نفسها».
وأضاف الجديد: «أعتقد أن التوسع بهذا الشكل في هذا النوع من العقار غير منطقي وكبير جداً، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل لدينا في مدينة الرياض على وجه الخصوص حاجة ماسة لهذا التوسع؟».
من جانبه اتفق رئيس مجموعة الرصيص العقارية سعد الرصيص مع ما قاله الجديد، مؤكداً أن الاستثمار في هذا المجال وبهذه الطريقة «يشوبه العديد من المخاطر»، مبيناً أن السبب الرئيسي «هو عدم وجود مظلة للقطاع العقاري كهيئة عقارية تقوم بعملية التنظيم». وأضاف أن هذا النوع من الاستثمار بدأ بالترهل والزيادة في العرض للمكاتب التجارية، محذراً مما سيأتي بعد سنة إذ يتوقع أن تزيد العروض للمساحات التجارية على حساب الطلب.
وحذر الجديد مما سيواجهه المستثمرون في هذا المجال في حال انخفاض الطلب على المباني التجارية، خصوصاً أن نسبة كبيرة من هذه المشاريع اعتمدت على التمويلات من البنوك، مضيفاً أن طرفي المشروع - وهما المستثمر والمطور - سيتأثران مباشرة، والطرف الثالث وهو البنك سيتأثر حتى ولو كان يضمن حقه من خلال امتلاكه لهذا المشروع، وذلك بسبب انخفاض قيمة الأصول من جهة، وعدم توفر سيولة مادية من جهة أخرى، وبالتالي سيتضرر الوضع المالي لهذه الجهات التمويلية بحسب الجديد.
وكحل لعدم وصول الأزمة للجهات الممولة وضح الجديد: «البنوك بدأت تعمل على وضع آلية بديلة في حال حدوث هذا السيناريو من خلال إصدار صكوك تقوم البنوك باستبدال أصولها العقارية بها، وبالتالي تتوفر السيولة من جديد للبنوك وتنتقل ملكية هذه الأصول للمستثمرين فيها». واستشهد الجديد بما حدث في بنوك كل من دولتي كوريا الجنوبية وتايلاند عندما لم تتوفر السيولة لديها جراء التمويلات العقارية، وقامت بحل هذا الموضوع من خلال فك ارتباط عملاتها بالدولار.
وطالب كل من الجديد والرصيص بنهاية حديثهم بتفعيل الدور الذي يفترض أن تساهم فيه عدد من الجهات، كمركز الرياض للتنافسية الذي أنشئ مؤخراً، من خلال أخذ زمام المبادرة ونشر وإجراء دراسات اقتصادية تقرأ الطلب المستقبلي لمدينة الرياض على العقارات بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة كأمانة مدينة الرياض وهيئة تطوير مدينة الرياض والغرفة التجارية والصناعية بالرياض.
وتبلغ مساحة الصفقات العقارية التجارية التي نفذت في مدينة الرياض منذ بداية العام 1431هـ حتى شهر شعبان 433.140.547 مليون متر مربع فيما بلغ عدد الصفقات لنفس الفترة 11381 صفقة وعلى صعيد المشاريع التي يتوقع أن تضيف مساحات تجارية كبيرة، ويأتي مركز الملك عبدالله المالي في مقدمتها إذ يتوقع أن يضيف 64 برجاً بنهاية العام 2012 م تتراوح ارتفاعاتها ما بين خمسة أدوار إلى 29 دوراً وتمتلكه المؤسسة العامة للتقاعد ويتوقع أن تنتقل له هيئة السوق المالية والعديد من المصارف والمؤسسات المالية.