كانت أسوأ ردة فعل أمريكية على أحداث سبتمبر.. تلك التي عايشناها خلال الأيام الماضية.. وكان هناك نية لدى بعضهم بالإقدام على عمل شنيع.. وهو محاولة «حرق القرآن» تلك العملية السيئة التي لو تمت.. لكانت كارثة بالفعل.. ولقادت الأمور إلى المزيد من الاضطرابات والمشاكل والقلاقل والمزيد من الخلافات التي لن تندمل.
لو تم هذا الأمر.. لقضى تماماً على عشرات المؤتمرات والندوات واللقاءات الودية التي سعت خلال سنين مضت.. إلى ردم الهوة بين المسلمين وبين أولئك. وعملت على تقريب وجهات النظر وشرح وتقديم الإسلام بطريقة صحيحة.. وقطع الطريق على من حاول خطف الإسلام وتقديمه بطريقة مشوهة.
لو أن هذه العملية الخبيثة تمت بالفعل.. لكانت الشرارة التي ستوقد المزيد من المعارك وستجر وراءها.. الخسائر في كل اتجاه.
ولكن.. لماذا كان هذا العام.. هو الأسوأ؟
لماذا كانت ردة الفعل بهذا الحجم؟
لماذا تحرك الأمريكيون ومعهم بعض الغربيين بهذا الشكل المختلف «هذا العام تحديداً»؟
المراقبون قالوا.. إن هناك أكثر من سبب ولكن.. جاء في مقدمتها سعي بعض المسلمين المقيمين في الغرب لتشييد مسجد بالقرب من مركز التجارة العالمي الذي تعرض للضرب في سبتمبر.
هؤلاء الذين خططوا لبناء المسجد في هذا الموقع بالذات.. عايشوا اليوم ردة فعل عنيفة قادت إلى ما يشبه الصدام.. وعايشوا بأنفسهم محاولة (حرق القرآن) أمام وسائل الإعلام.. وعايشوا آراء وكتابات وخطب طُرحت أمام الرأي العام الأمريكي.. كلها تدين الإسلام والمسلمين وتصورهم بأبشع الصور.. ذلك أنهم مصرون على بناء مسجد في أنقاض البرجين المنهارين.
ومشكلة الغرب.. أنه فسَّر بناء المسجد بتفسير آخر.. فالذين سعوا لبناء المسجد قالوا.. إن هدفهم.. أن هذا المركز الثقافي سيحمل رسالة وُد وسلام إلى العالم الغربي.. وسيُبين لهم.. أن ما ارتكبه هؤلاء الإرهابيون باسم الإسلام كان تصرفاً مغلوطاً.. وأن الإسلام يدينه.. ولكن الغرب أو الأمريكيين لم يفهموا.. ولن يفهموا شيئاً من ذلك.. بل فسروه بأنه امتداد لتلك العملية.. وأن المسلمين لا زالوا مصرين على هجومهم.. وأن هذا المسجد.. أو هذا المركز.. هو بمثابة تفريخ لمثل هؤلاء القوم «المفجرين» وأنه تأييد ومساندة وامتداد لهم..
ولعلنا سمعنا وتابعنا ردة الفعل الغربية على محاولة بناء هذا المسجد.. الذي أعاد تحريك القضية مجدداً وساهم في استفزاز الغرب ضد الإسلام والمسلمين.. وساهم أيضاً.. في تحريك العالم الغربي ضد كل ما هو إسلامي وأعطى ذريعة للمتشددين بأن يتخذوا خطوات كلها تطرف ضد الإسلام والمسلمين.
هناك الخطوة المتعجلة غير المدروسة.. عايشنا ردود الفعل العنيفة حولها..
ولكن.. لم نسمع رأي الهيئات الإسلامية «الكبرى» حول هذا المسجد.
لم نسمع تعليقاً أو رأياً من تلك الهيئات الإسلامية التي لزمت الصمت!!.
فهل اجتهاد هؤلاء الإخوة «الساكتين» موفق؟
هل من الضرورة.. استفزاز الغرب والإصرار على بناء المسجد والمركز الثقافي في موقع التدمير؟!
أم أنه من الحكمة ومصلحة الإسلام والمسلمين أيضاً.. صرف النظر عن هذه الفكرة؟
الغرب اليوم.. يتابع ويراقب ويرصد ردود الفعل الإسلامية على هذه الخطوة «بناء المسجد في موقع التدمير».
ولكن الهيئات الإسلامية كلها.. سكتت.. وكأنها تؤيد ضمناً.. هذه الخطوة التي فسرها الغرب بأنها امتداد للهجمات.. وأن المسلمين.. يؤيدون ذلك.
لا بد أن يتحرك المسلمون وبسرعة.. ويبينوا وجهة نظرهم للغرب.. سواء أيدوا الفكرة.. أو عارضوا.. المهم (طَلْعُوا هالدرة).
الوضع.. لا يقبل التأجيل.. ولا يحتمل السكوت.. لأن السكوت في حد ذاته.. موقف.. وهكذا يعتبره الغرب.. الذي ظل طويلاً ينتظر.. ماذا ستقول الهيئات والمؤسسات الإسلامية الكبرى؟!