قيل: «لا تدخل بيت ظنَان، ولا تأكل عيش منَّان»..
وأقول: الأول إن دخلت بيته فأصابه شر ألحقه بك، والثاني إن أطعمك كسرة حاسبك عليها، لا يحسب لك الأول خيراً لحق به في وجودك معه، ولا يتركك الثاني تنعم بسد جوعتك...
والبيوت ليست كلها دور سكن فقد تكون دور عمل، أو محطة سفر، وصاحب الدار ربما يكون رئيسك في عملك، فهو ولي المكان، أو رفيقك في محطتك فهو ولي الناقلة، فإن ابتليت بالظنَّان شقت عليك الإقامة، طالت في عمل، أو قصرت في رحلة..
والعيش ليس كله سد أود لحظة عابرة, أو مد يد مقابل عمل دائم...
هناك من تغُص بنكده وأنت تأكل حلالاً من عرق جبهتك، ومنهم من يردُ إليه الفضل بحصولك على وظيفتك التي تدر عليك رزقك..
هناك الظنان الذي لا يتيح لنسمة ندية أن ترطب ثقتك واطمئناك، وتوكلك على الله، فلا هو يأخذ بالأسباب ثم يسن أمره إلى الله تعالى، ولا هو يدعك من حرِّ ظنونه، وتلوِّث شكوكه..
يبدو أن الظنَّان، ونظيره المنَّان نموذجان فاعلان بوخز, في حياة البشرية، منذ نطقت أفعالهما بحكمة المنع عن الجلوس إليهما, أو الاستطعام من يديهما.. براءة مما يحاك عنك في صدريهما، وما يلحق بك من وخز لسانيهما...
إنهما نكد من أنكاد الحياة.