قد لا يكون من الضروري أن (يثيرنا) متطرف طائفي بآرائه ضد أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر, فما لنا في رجل يتحدث من منطلقات سياسية «طائفية» دنيوية، ما لنا في رجل يقول ما يناقض قول الله الذي اصطفى عائشة ببراءة سماوية تتلى إلى يوم القيامة, وأوصانا في محكم التنزل أن نقول (سلاماً) للجاهلين.
إن الغضبات المتتالية التي تثور ضد كل ناعق ضد مقدساتنا الإسلامية, قد تشغلنا عن منجزاتنا وتؤخر مشروعاتنا، فيما هي من جانب آخر قد تخدم أولئك الجاهلين أكثر مما تخدم قضيتنا, فالقس الأمريكي جونز الذي قال بحرق القرآن الكريم نال من الشهرة خلال بضعة أيام ما عجز عنه طوال سني حياته, والمتطرف الطائفي الذي سب عائشة بات بطلاً طائفياً لدى أتباعه, والرسام الذي جسد رسولنا الكريم صلوات وسلامه عليه عبر رسومات كاريكاتورية أصبح نجماً تلفزيونياً, ما كان لتلك الفوائد أن تحصل للناعقين لولا تلك الغضبات الكبرى التي تمثل دعايات مجانية لهم تضعهم فيما بعد نجوم برامج تلفزيونية, ونجوم دعاية وإعلان.
لعلّ من المفيد أن نعيد النظر في تحركنا ضد من ناصبنا العداء وأهان مقدساتنا, فليكن التحرك (القانوني) هو التحرك المعتمد بدلاً من الغضبات غير المنظمة التي قد تحرجنا عالمياً, فليس كل (متحرك) على مستوى الأفراد يعي حجم تصرفه الذي ربما يفاقم الوضع ويزيد هو بذاته من الشحناء والطائفية, في الوقت الذي ينبغي أن نتحرك بعيداً عن (التعميم) الذي قد يطول أناس ليس لهم دخل في موضوع الإساءة.
الهيجان المبالغ فيه والشوارع التي تغلي لا تقدم ولا تؤخر في أيّ قضية من هذا النوع, وإن كان في ظاهرها أنها تشفي الغليل إلا أنها لا تحمل نتائج فعالة, فالناعقون ما زالوا في غيهم يعمهون, والمسلمون ما زالوا في حالة هيجان باستمرار، وسيظل أولئك المناوئون في حالة استفزاز لنا طالما أن كل شيء يثيرنا بشكل بركاني.
وكما هي تجاربنا السابقة (هيجان عظيم) وما هي إلا أيام وننسى الإساءة, حتى يثيرنا ناعق جديد, لقد مللنا (الاستهلاك العاطفي) لقضايانا المقدسة, وحان الوقت لأن نكون أكثر (حكمة) في التعاطي مع الإساءات، وأن يتولى الأمر من هم أهله، بوصفهم نخبة منتقاه يتسمون بسعة الأفق ويمتلكون فن إدارة الأزمات وتوجيهها لصالح الإسلام.
nlp1975@gmail.com