في يومك المجيد يا وطني، أحمد الله على ما أنعم عليك، وعلينا من خير وبركة، وأسأله تعالى أن يديم عزك ومنعتك وأن يحفظك من كل شر، وأن يرد عنك كيد الكائدين، وعداوة المعتدين، وغدر الغادرين، وأن يهيئ لك الخير كلّه، وأن ينزل عليك بركاته، إنه سميع مجيب.
في يومك المجيد يا وطني، أدعو الله أن يغفر للملك المؤسس، وأن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة، ومن لحق به من أبنائه البررة.
في يومك المجيد يا وطني، أدعو الله أن يمد في عمر الملك المصلح عبد الله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني، وأن يمددهم بعون من عنده، وأن يرزقهم الصحة والعافية، وأن يعينهم لفعل ما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد، وأن يجزل لهم المثوبة والعطاء على ما قدموا من أعمال جليلة لرفعة الوطن، ومصلحة المواطنين، وعلى ما يقومون به من عمارة الحرمين الشريفين، وخدمة الإسلام والمسلمين؛ وأن يحفظ الشعب السعودي ويجمعهم على الحق والخير ويهديهم سبل الرشاد.
في يومك المجيد يا وطني، سأتجاوز محاسنك، وأفضالك، فهي أكثر من أن تحصى، وأعظم من أن تُخفى، وسأسعى ما أعانني الله على المساهمة في إبراز ما يستوجب علينا عمله من أجلك، فالأخطاء أحق أن تُرفأ من أن تُغطى بمعلقات المديح، وكيف لنا معالجة ما لم نُقر بخطئه، وبوجوده بيننا.
أبدأ بالأمن، وهل هُناك أهم منه لإعمار الأرض، وتحقيق الرفعة والتقدم. ذكر الله سبحانه وتعالى «قريش» بنعمه عليهم، فاختار نعمة الأمن التي حققت لهم ازدهارًا كبيرًا في التجارة، ومكانة بين قبائل العرب، فكانت القبيلة الوحيدة التي منعتها حصانتها التي اكتسبتها بفضل الله، ثم ببركة البيت العتيق. يقول تعالى: (لِإيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)»؛ ربط الله بين الأمن والرزق لارتباطهما الوثيق ببعضهما البعض.
أنفقت حكومة خادم الحرمين الشريفين مئات المليارات على التنمية، وسجلت ميزانية العام الحالي رقمًا قياسيًا غير مسبوق في الإنفاق على التنمية، ويبقى التحدي الأكبر مرتبطًا بإدارة المشروعات، وتنفيذها في وقتها المحدد، بحسب المواصفات العالمية، وبالتكلفة المنطقية الموازية لتكلفتها الحقيقية المحققة للمنفعة التامة من كل ريال يدفع فيها.
زيادة حجم الإنفاق لا يضمن الكفاءة، وتحقيق التنمية المستدامة ما لم ترتبط ببرامج تخطيطية سليمة تضع في اعتبارها الحاجات، الأولويات، حُسن التنفيذ، وآلية متكاملة للرقابة المالية والتنفيذية وتكلفة المشروعات.
أصحاب المعالي الوزراء عليهم وضع خطة عملية لأربع سنوات تتضمن الأهداف الواجب تحقيقها، وأن يراجعوا سنوياً الأداء مقارنة بالأهداف المحققة لضمان التصحيح، وتحقيق الكفاءة.
العبرة في المشروعات تنفيذها على الوجه الأكمل، لا الإعلان عنها، ورصد ميزانيتها، ومن ثم تعثرها لأسباب تنفيذية، رقابية، وإدارية صرفة.
من حق الوطن على وزرائه، في يومه المجيد، تحقيق تطلعات ولي الأمر، وأمنيات المواطنين، وإنجاز مشروعات التنمية وفق ما خُطط لها.
هذا من جانب، ومن جانب آخر فتلك المشروعات الضخمة تحتاج إلى الاستقرار الأمني والسياسي، وهما متوفران من فضل الله وبركته، إلا أن الركون إلى الطمأنينة غير المُحصنة بالحذر والإجراءات الإستراتيجية قد تُلحق الضرر بالجميع، وخصوصًا أن المنطقة لم تعد كما كانت عليه من قبل.
تحقيق الأمن الفكري، الاجتماعي، الغذائي، والوظيفي هو جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن الشاملة، وهو ما يستدعي وجود إستراتيجيات حديثة للتعامل الأمثل معها، وفي وقت قصير نسبيًا، فطول الأمد يزيد من التراكمات السلبية التي قد تفوق قدرة خطط الإصلاح على المستقبلية على تحملها.
على الجانب الأمني، نجحت القوات الأمنية السعودية في حماية البلاد والعباد من هجمات المعتدين، ومخططات المخربين، وهي قادرة بإذن الله، على الوقوف سدًا منيعًا أمام الأخطار المتوقعة، إلا أن مسؤولية قوات الأمن لا تُلغي مسؤولية المواطنين أنفسهم في الدفاع عن وطنهم، والسعي من أجل حمايته من مخططات مُشعلي الفتن في الداخل والخارج ممن أعمى الله بصيرتهم عن الحق والصلاح. لا يمكن للاستقرار، والرفاهية أن تتحققا بمعزل عن الأمن، وهو ما يجب أن يعيه كل مواطن عاقل، ويسعى إلى المساهمة في تحقيقة بعيدًا عن الحسابات الخاطئة التي تقود إلى تدمير مرتكبيها قبل غيرهم.
حق الوطن علينا أن نقوم على حمايته، والمحافظة على مقدراته، ومكتسباته، ومقدساته التي شرّفنا الله بها، وهي مسؤولية عظيمة يجب على كل فرد استشعارها ومراقبة الله فيها، والتقرب إليه بصيانتها وأداء أمانتها على الوجه الأكمل. أصبحت الفتن كقطع الليل تُحيط بدولة الإسلام، فاليمن باتت مرتعًا لتنظيم القاعدة، واختلال الأمن فيه يعني خطرًا محدقًا بالجميع؛ في الوقت الذي تسعى فيه إيران إلى تحريك بعض الدول الخليجية من الداخل بواسطة أتباعها الذين يشكلون فيما بينهم خلايا نائمة تتحين موعد الانقضاض. أما أعداء الأمة، فهم يتربصون بنا الدوائر، ومخططاتهم الإستراتيجية الشيطانية أبعد من أن تستوعبها العقول. بعض الخطب الصادرة عن شياطين الإنس المتحالفين مع الغرب وإيران تفضح مخططات الأعداء الإستراتيجية، أنطقهم الله ففضحهم، وفضح مخططاتهم. يصفها البعض بالجنون، وينعتون مروجوها بالجهل، وهي لعمري غاية الأعداء وهدفهم الإستراتيجي الأوحد؛ فالتدمير، والتقسيم، وإضعاف الأوط____ان، وإشاعة الفوضى هو ما يُريده أعداء الوطن؛ مهد الرسالة، وقبلة الإسلام والمسلمين.
مسؤوليتنا جميعًا، أن نقف صفًا واحدًا في وجه كل ما من شأنه تهديد الوطن؛ بالوحدة الوطنية، ونبذ الفرقة والتناحر، وبالالتفاف حول القيادة، ومحاربة الأفكار المتطرفة الداعية للقتل والدمار وترويع الآمنين، وتقويض خطط البناء والتنمية. تنمية الإنسان والمكان في حاجة ماسة إلى الأمن، الذي بدوره يحتاج إلى وقفة المواطنين، بفئاتهم وثقافاتهم، صفًا واحدًا أمام كل من يهدد أمن الوطن وسلامته.
***
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM