المخدرات أحد الأسلحة الفعالة والفتاكة التي يستخدمها ويلجأ إليها تجار ومافيا المخدرات للنيل من الإنسان وحياته، والذين يشبهون بالضبط عصابات الإرهاب وقطاع الطرق واللصوص ومشوهي الحياة، وهم يريدون هذه النار مستعرة كلما خبتت حاولوا عبثا إيجاد شرارة صغيرة تحرق البلاد والعباد، الجريمة والجشع سيان بالنسبة لتجار المخدرات، فالأول، تمرد على الناس والحياة، والثاني طمع مقترف في تحقيق الطموح ورغبة مشينة لتحقيق مآرب وأحلام فاسدة، إن الحرب على المخدرات تحتاج منا جميعا إلى كفاح فكري ومادي، وثورة عارمة وشجاعة ضد هذه الأعمال المتطرفة والنتنة، والبحث المجدي عن جذورها ومصادرها والقائمين عليها وحامليها والمحمولة إليهم، فنحن أمام إخلال عام بالحياة الإنسانية لتغيير أفكارها ومبادئها، إننا أمام مشروع خطير جدا طفا على السطح بقوة وأخذ ينتشر في بلدنا بصورة كبيرة وواضحة، وأخذ الأفيون والهيريون والكوكائين والحشيش والحبوب المخدرة والمنشطة الأخرى تستنزف رجالنا وشبابنا ونسائنا وشاباتنا دون تمييز ودون رحمة ودون رأفة، حدث قبل فترة أن شابا صغيرا في السن قام بقتل أغلب أفراد عائلته وهم والده ووالدته واثنين من أشقائه بينهم أطفال، وهذه الجريمة البشعة كلها قد حدثت نتيجة وقوع الفتى تحت تأثير المخدرات وكأنة لم يكن في الوجود ولم يعرف أين قادته هذه الآفة وماذا جنت يداه وكيف ولماذا بعد أن أفاق من تأثير هذا المخدر الفتاك.
إن الحملات الصحية والتربوية والإعلامية وتوعية الجماهير الكبيرة التي نظمتها الجهات المعنية في المدن والمحافظات والأرياف والهجر والقرى يجب أن تبعث وتحيى من جديد وأن تكثف وأن تستمر على مدار اليوم والساعة دون كلل ودون ملل ودون تثاؤب، وأن يصل صدى هذه الحملات ومداها إلى كل زاوية من زوايا الوطن، والى كل حبة رمل من حباته الطاهرة، حتى تحقيق الأهداف والغايات لإنقاذ الناس من براثن المخدرات وشباكها وعفونتها، إن التركيز على توعية الشباب والمراهقين إلى ضرورة الانتباه إلى أهمية الحياة كونها قيمة كبيرة وكنز عظيم لا يمكن تعويضه أبدا في حال ذهابها حتى وإن تمكنوا من تعويض الخسائر المادية والممتلكات، إن قضية المخدرات قد أصبحت خطرة جدا وشاع استخدامها وانتشارها وبيعها وشراؤها بسرعة مريبة في بلادنا من خلال قيام بعض الجهات المشبوهة والعصابات الإجرامية الحقيرة بالمتاجرة بها لجعل الشباب والمراهقين في قبضتهم القاسية واستغلالهم الاستغلال البشع والفظيع فضلا عن آثار المخدرات نفسها كتهديد لصحة الإنسان وإلحاقها الضرر الأسوأ بالأسس الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية والعلاقات الإنسانية وإيجاد خلل مهول وضرر عظيم في ترابط المجتمع وتماسكه، بسبب صعوبة التعامل مع من يتناولها ويدمنها لتأثيراتها العقلية والنفسية، مثلما نسمع ونقرأ عن حوادث بشعة وأليمة يقشعر منها بدن كل من يسمع عنها أو يقرأ قصصها، إن حرب المخدرات الشرسة التي يخوضها رجال الأمن البواسل بكل قطاعاته، تفرض علينا جميعا أفرادا ونخبا الإسهام الفعال والوقوف المشرف معهم ومشاركتهم بكل ما أوتينا من قوة وبأس وعزيمة وجلد للتصدي لهؤلاء الشرذمة الفاسدة والمفسدة، وأن نحدث انقلابا على نظمهم وقيمهم ومعاييرهم اللاإنسانية، حتى ينهاروا وحتى يرتدعوا وحتى يكفوا أذاهم، إن ضربات الأمن الاستباقية المتتالية والمتلاحقة وضرباتنا نحن المعنوية والفكرية والثقافية والتوعوية المتلازمة معا، حتما سنرى بعدها جرذان المخدرات وقت ولت وأفلت وقضي عليها.