اعتمد قدماء المصريين في علاج أمراضهم على الإمكانيات المتاحة لديهم، وما يتوفر في الطبيعة على وجه الخصوص من ثروات مطمورة. ويعد الدفن في الرمل إحدى طرق العلاج التقليدية والتي استمر العمل بها حتى وقتنا الحاضر.
فالعلاج بالرمال وإن كان قديماً إلا أن العلم الحديث أثبت جدواه؛ حيث أجرى المركز القومي للبحوث في مصر دراسات برهنت على أهمية دوره، وما تلقاه هذه الطريقة العلاجية من قبول في بعض الدول التي تتوفر فيها الرمال المحتوية على نسبة من الكوارتز والمعادن الطينية التي تتولد عنها شحنات سالبة عند تلامسها مع الماء، فتجذب شحنات السموم الموجبة من طبقات الجلد الخارجية. وكذلك المعادن المشعة التي تفيد في علاج الأمراض الجلدية والعظام على وجه الخصوص. وأيضاً الأشعة الشمسية فوق البنفسجية التي تساعد على انطلاق بعض الشحنات السالبة من مكونات الرمال. وكل هذه العناصر تخلق بيئة علاجية مناسبة، حيث يعتمد العلاج على استخدام الرمل الساخن الذي يعود سبب تأثيره العلاجي لمفعوله الحراري والميكانيكي؛ لتميز الرمال الجافة بقدرة امتصاص حرارية عالية النفوذ، وقليلة الإشعاع! ولهذا يمكن استخدام حرارة عالية جداً في الحمامات الرملية، بخلاف الحمامات المائية. ويمكن تحمل الحمام الرملي بشكل جيد بصفته إجراء علاجياً ساخناً.
ويتم التداوي بالرمل بشكل فعال في كثير من الحالات كالأمراض المفصلية والروماتيزم، والتهاب المفاصل المتعددة شبه الروماتيزمي، والتهاب المفاصل الفقارية وعرق النسا، والتهاب جذور الأعصاب وداء النقرس والسمنة والأمراض الكلوية كالالتهابات، وداء الكساح وأمراض عضلات وأوتار اليدين، وشلل الأطفال والصدفية والجهاز الهضمي والعقم، والكلسترول. كما يساهم بخفض نسبة الدهون المرتفعة في جسم الفرد وتنشيط الدورة الدموية. ويساعد على التخلص من القلق والضغوط النفسية؛ وربما يأتي ذلك لقربها من التكوين البشري.
يطبق العلاج الرملي عادة على شاطئ البحر خلال الأشهر الصيفية، وذلك من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الثالثة بعد الظهر. حيث يحفر المريض حفرة بعدما يصبح الرمل ساخناً ويستلقي فيها ويغطي جسمه كلياً أو جزئياً بطبقة من الرمل الساخن تصل سماكتها 7 سم. ويحرص على تغطية رأسه بمنشفة مبللة بالماء البارد. وتصل مدة الحمام الرملي إلى عشر دقائق يمكن زيادتها تدريجيا حتى 40 دقيقة لإتمام عملية التعرق الكامل، وبعد الانتهاء يلف المريض جسمه بغطاء ويبقى في مكان بارد لمدة تصل إلى 20 دقيقة، ومن ثم يغادر إلى منزله، حيث يلزم إقامته في غرفة بعيداً عن مصدر الهواء، ويحسن إغلاق المسام بتدليك جسمه بزيت الزيتون والخل وقليل من الملح والليمون، على أن تتكرر هذه الإجراءات لمدة ثلاثة أيام على الأقل، حيث تعد أقل فترة للحمام الواحد، وتحدد مدة العلاج تبعا لحالة المريض ومدى تقدمه في العلاج. وتختلف عدد الجلسات باختلاف المرض، فيلزم مريض الروماتيزم ثلاث جلسات، والروماتويد سبع جلسات.
ويجب الحذر عند وجود تسلخات أو تقرحات أو جروح غير ملتئمة على الجسم قبل العلاج الحمام الرملي، لاحتمال حدوث حساسية، وعندها لابد من وقف العلاج. كما يحسن التنبه أن هذا النوع من العلاج لا يصلح لمرضى القلب، أو لمن تعرضوا لكسور حديثة لمساهمته في فتحها.
ولعلكم تتساءلون عن أفضل رمال تتوفر فيها جميع المميزات العلاجية. والواقع أنها توجد في منتجع أسوان السياحي في مصر على ضفة النيل الغربية؛ حيث تستخدم تلك الرمال لأغراض الطب البديل والاستشفاء البيئي، ويمكن إضافة نسبة من الرمال السوداء لرفع كفاءتها العلاجية.
وتستمر الدراسات والبحوث لنكتشف تأثير هذه الرمال العجيبة التي خلقنا منها، وسنعاد إليها بعد الممات، وتعالج أمراضنا بين هذا وذاك.
www.rogaia.net