كنت أستبعد أن هناك من يقوم بالمضاربة الوهمية في سوق العقار، وكثيراً ما أقول القضية أن الكل يبحث عن رزقه ولهم الحق في ذلك، ما دامت الآخرة لم تكن حاضرة في عقول هؤلاء العقاريين، وغيرهم من التجار الذين سطوا على حياة الناس بهذا الاستغلال ولسان حالهم يقول: (لسنا نحن من أضعفك).
وآلمني كثيراً أن شائعة المضاربة الوهمية بالعقار ليست بشائعة بل هي حقيقة عندما نقل لي أحد العقاريين تأكيداً لهذا الأمر وأنه طلب منه الدخول مع بعضهم، العصابة لولا أن ضميره حي وقلبه عامر بتقوى الله فرفض هذا العرض (المخزي).
إذاً الخبر صحيح وهذه الأسعار الجنونية في سعر متر الأرض ما هي إلا نتيجة لتكتلات عقارية سيطرت على مساحات شاسعة في مدننا مستغلة عدم وجود تشريع صارم وصريح يمنع هذا التلاعب.
نعم نحن بلد التجارة فيها عرض وطلب لا رأسمالية ولا شيوعية ولكن شريعة إسلامية، وهنا للأسف نقطة الضعف وما ذلك إلا نتيجة استغلال ضعاف النفوس من تجار العقار حرية البيع والشراء وفق الشريعة وتحويلها إلى صالحهم في مخالفة صريحة لشريعة الإسلام والتي تمنع منعاً صريحاً وواضحاً الاحتكار والمبالغة في ثمن السلعة، والرأي الفقهي في ذلك معلوم لدى الجميع.
ولكن غير المعلوم لدينا هو إلى متى ونحن ندّعي التزامنا بالشريعة ونحن أبعد ما نكون عنها في تعاملاتنا وخاصة عندما تكون هذه التعاملات فيها قولان فإننا دائماً نأخذ بالقول الذي يحقق لخزائنا أكبر قدر من المال ولا ننظر لحال مجتمعنا، ولا لحال وطننا..!!.
هناك رأي فقهي قوي يلزم أصحاب الأراضي البيضاء بدفدع زكاة سنوية، ومع ذلك لم يؤخذ به هنا في المملكة، على الرغم من فوائده الكثيرة، والتي من أهمها البيع بسعر مقبول ومقدور عليه. إن البعض من تجارنا للأسف الشديد يصنفون من النوع الذي لا يمكن أن يعدل وينصف من نفسه بل يحتاج إلى من يرغمه على العدل والإنصاف بالقوة، وتجار العقار تحديداً يحتاجون لعقار (دواء) يعالج نفوسهم الجشعة.
ونحن نعيش في عصر الملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز نتطلع إلى وقفة صارمة وقوية في وجه هؤلاء العابثين الظالمين للمواطن، الذين يفرحون عندما يعجز المواطن عن اللحاق بأرقام مخططاتهم التي باتت أرقماً فلكية لا يقرها منطق ولا عقل.
أننا نطالب وأعني نحن المواطنين بكبح جماح تطلعات وأمنيات (تكتلات) العقار حتى وإن كانت أسماؤهم رنانة وتبرعاتهم (نحسبها) جميلة وهي من دم هذا الجندي وهذا الموظف وهذا المسكين، فلا يتبرعون للجمعيات، وهم يمتصون دم المواطن المسكين ليلا ونهاراً، فلا بارك الله في مال جاء نتيجة جشع وظلم.
وقفة نريده صارمة وقوية وصريحة وواضحة لا تحتمل التأويل ولا التبديل من القيادة الراشدة في وجه هؤلاء الذين فقدوا ضمائرهم واستحلوا أموال إخوانهم في تعد صريح ومخالفة واضحة للشريعة التي كما أسلفت تمنع الاحتكار والمبالغة في الأسعار.
أذكّر كل تاجر بقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام (التجار يبعثون يوم القيامة فجّاراً إلا من أتقى الله وبر وصدق).. فهل تريد أيها التاجر أن تبعث يوم القيامة فاجراً..؟ بكل تأكيد لا أحد من الناس يريد أن يكون كذلك.
اللهم أنر بصائرنا جميعاً وألن قلوبنا واجعلنا من الذين يراقبونك في سرهم وعلانيتهم.
والله المستعان،،،