أوضحت شركة أرامكو السعودية أنه «لا نية لرفع أسعار الديزل لقوارب الصيد»، وأكدت على لسان مدير علاقاتها العامة السيد طارق محمد الغامدي «أن الشركة تود أن تؤكد أنه لم يطرأ أي تغيير على آلية أسعار الديزل فيما يتعلق بقوارب الصيد منذ عام 1411هـ».
نتفق مع أرامكو في دقة ما صرَّح به مدير علاقاتها العامة من حيث نص القرار الرسمي، أما من الناحية العملية فهو مخالف للواقع جُمْلة وتفصيلاً؛ فقوارب الصيد بجميع فئاتها وأحجامها ومنذ العام 1411هـ لم تشترِ الديزل قط بالسعر الدولي، بل كان يُقدَّم لها بالسعر المحلي المدعوم، وكانت شركة (بترومين) التابعة لأرامكو السعودية المسؤولة عن تزويد الصيادين باحتياجاتهم من الديزل، خلال تلك الفترة، على أرصفة موانئ صيد الأسماك، حتى تحولت مسؤولية تأمين الديزل إلى المتعهدين من القطاع الخاص.
أشرت في مقالتي الماضية (الصيادون) إلى قرار بيع الديزل بالسعر الدولي لقوارب الصيد التي تزيد أطوالها على 16 مترًا، ووصفته بالقرار (المنسي) الذي تسعى مصلحة الجمارك وزارة البترول وحرس الحدود إلى تنفيذه اليوم، بعد أن ذَكَروا، أو رُبما ذُكِّروا به. الحقيقة الثابتة في جميع موانئ الصيد السعودية أن سعر الديزل قد تغير بالنسبة إلى قوارب الصيد التي تزيد أطوالها على 16 مترًا منذ مطلع الأسبوع الحالي؛ حيث فرض حرس الحدود على ملاك القوارب تسليم الفرق بين السعرَيْن المحلي والدولي إلى مصلحة الجمارك وإثباته بسند مختوم قبل السماح لهم بالإبحار، وهو ما أدى إلى توقف جميع القوارب المستهدفة بالقرار، وهي الشريحة الأكبر في موانئ المملكة.
من يقرأ خبر النفي الصادر عن أرامكو يعتقد بتجني الصيادين عليها، وعلى مصلحة الجمارك وحرس الحدود، وأن الصحف السعودية تُروج لشائعات (مغرضة) بنشرها تحقيقات موسعة عن ارتفاع سعر الديزل المفاجئ. ليست العبرة بتاريخ إصدار القرار (المنسي) بل بتنفيذه؛ لذا يمكن وصف خبر النفي السابق بأنه (مقبول شكلاً، ومرفوض موضوعًا).
من المفترض أن تكون أرامكو السعودية أكثر وضوحًا وشفافية في تعاملها مع قضية الصيادين المصيرية، وأن تعترف بأنها تجاهلت تنفيذ قرار بيع الديزل بالسعر الدولي وفق ضوابطه المحددة، أو أنها رَحِمت الصيادين ولم تشأ أن تُميز فيما بينهم فعممت البيع بالسعر المحلي منذ العام 1411 حتى مطلع الأسبوع الحالي، ثم تحركت لتطبيقه لأسباب (نظامية). أما نفي الخبر بأسلوب دبلوماسي يوهم المتلقي، ومنهم المسؤول والمواطن والإعلام، بعدم تغير الأسعار منذ العام 1411 هـ، على الرغم من تغيرها على أرض الواقع؛ فهو أمر لا يمكن القبول به، أو توقعه من شركة وطنية بحجم أرامكو السعودية.
الحقيقة الثابتة أن سعر الديزل الموحد على أرصفة موانئ الصيد السعودية قد توقف العمل به منذ نهاية الأسبوع الماضي، واستبدل بسعرين مختلفين يتم التعامل بهما بحسب أطوال قوارب الصيد؛ فالسعر المحلي خُصّص للقوارب التي تقل أطوالها عن 16 مترًا والسعر الدولي للقوارب التي تزيد على ذلك، وهو تنظيم مُحدث لم يطبق إلا هذا الأسبوع، وإن ارتبط بالقرار الصادر عام 1411هـ. نقف مع أرامكو عند هذا الحد، ونتوجّه بحديثنا إلى القيادة الحكيمة التي لم تدخر جهدًا في دعم قطاع الصيد البحري، الذي يعمل به الحرفيون الأفراد من ذوي الدخل المحدود مطالبين بأن تستثنى القوارب التي تقل أطوالها عن 20 مترًا من قرار بيع الديزل عليها بالسعر الدولي، وأن يُسمح لملاكها الحرفيين بالشراء وفق السعر المحلي المدعوم أسوة بالمزارعين، وقطاعات الصناعة، وقطاع النقل البري.
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM