فاصلة:
(نيسان وأيار يصنعان طحين السنة بطولها)
حكمة إسبانية منذ سنوات ونحن نتحدث عن أهمية الحوار سواء داخل الأسرة أو مع الآخر في أي مكان، وهناك مؤسسات بدأت تهتم به بالفعل من خلال تنظيم الندوات والمحاضرات وربما الدورات التدريبية لإكساب المتدربين مهارة فن الحوار.
كما أن هناك ملتقيات تربوية تُسخّر إمكاناتها لتفعيل دور الحوار في الأسرة، آخرها ما قرأت عنه في إحدى صحفنا المحلية وعنوانه «لنتحاور مع أبنائنا»، الذي تنظمه إحدى المؤسسات التعليمية والتربوية الأهلية بالتعاون مع أمانة المجلس الفرعي بجدة لجمعية مراكز الأحياء بمنطقة مكة المكرمة؛ إذ لفت نظري تصريح المسؤولين عن ذلك الملتقى حيث يقولون «إن غالبية السعوديين يتمسكون بثقافة إصدار الأوامر للأبناء، ولا يعترفون بثقافة الحوار معهم»، مؤكدين أن دراسات نفسية حديثة أثبتت أن الجو العائلي المتوتر يؤثر سلباً على نفسية الأطفال ويعوق تقدمهم الاجتماعي والعملي في المستقبل، مشددين على أهمية الحوار مع الأبناء وتخصيص وقت كاف للتواصل بين أولياء الأمور وأبنائهم.
كلام جميل، ولكن الأجمل أن نعرف الحلول؛ فالندوات والمحاضرات لأولياء أمور الطلبة لن تؤثر إلا في نسبة محدودة، بينما المجموعة الأخرى لن تتأثر لأسباب مهمة تتعلق بأساس تربيتها الاجتماعية وأساليب القسوة والحرمان والقمع التي نشأت عليها في الطفولة.
إنّ تعميم ثقافة التحاور مع الأبناء، وتعزيز الثقة بهم، لا يمكن أن يتمَّا بسهولة من خلال ملتقيات تربوية تدوم بضعة أيام.. ستسألون إذن ما الحل؟ في رأيي أن الآباء والأمهات الذين لا يقتنعون بجدوى الحوار في الأسرة يحتاجون إلى معالجين نفسيين وليس محاضرات هدفها التوعية؛ إذ لن يعي إنسان ثقافة لم يمارسها، ولن يقتنع بتغيير ما تطبع به دون أن تتغير أفكاره، لكن للأسف ما زال العلاج النفسي لدينا مرتبطاً بأفكار خاطئة ومفاهيم مغلوطة، وما زال البعض لا يؤمن بأهميته، ربما لأن بعض المعالجين النفسيين خلطوا ما بين المهنة والتجارة، وربما للصورة الذهنية التي تطرحها وسائل الإعلام عن المعالج النفسي أو حتى الطبيب النفسي، وفي كل الأحوال الإنسان هو الضحية وهو الذي يستطيع أن يعي ويدرك بما منحه الله من عقل أي الطرق يسلك ليعيش وأسرته في أمان.