|
باريس – موفد الجزيرة - سعد العجيبان
يطلق صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله وزير التربية والتعليم اليوم الثلاثاء في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) في باريس برنامج عبد الله بن عبد العزيز العالمي لتعزيز ثقافة الحوار والسلام الذي قدمته المندوبية الدائمة للمملكة في منظمة اليونيسكو بموافقة المقام السامي، حيث سيلقي سموه كلمة المملكة ويعلن من خلالها عن تبرع خادم الحرمين الشريفين للبرنامج بـ(5) ملايين دولار.
وقال المندوب الدائم للمملكة لدى اليونيسكو الدكتور زياد بن عبدالله الدريس إن البرنامج يأتي ضمن سعي المملكة لتقديم مشاركة متميزة في السنة الدولية للمنظمة، والتي تحمل شعار التقارب بين الثقافات، مؤكداً في حديث ل(الجزيرة) أن الأرضية التي انطلقت منها هذه المبادرة لبرنامج عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لتعزيز ثقافة الحوار والسلام هي أرضية ممتدة أسسها خادم الحرمين الشريفين منذ سنوات بدأت من على المستوى الوطني بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ثم على المستوى العربي والإقليمي بمبادرات المصالحة الثنائية بين الفرقاء، ثم على المستوى العالمي والدولي بمؤتمري مدريد ونيويورك للحوار بين أتباع الديانات.
وأشار د. الدريس إلى أن البرنامج جاء ليكون الحوض الذي يجمع أهداف تلك المبادرات معاً في هذه المنظمة التي تعنى بحوار السلام وتأسست في الأصل منذ عام 1954م لتعزيز ثقافة السلام في عقول الناس.
وفيما يلي نص حديث المندوب الدائم للمملكة لدى منظمة اليونيسكو ل(الجزيرة):
من المؤكد أن إطلاق المملكة لبرنامج عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لتعزيز ثقافة الحوار والسلام أمام منظمة لها ثقل عالمي متخصص كمنظمة اليونيسكو لم يكن بمبادرة ارتجالية بل جاء امتداداً لعمل متقن متواصل تقوم به المملكة وهو تبني الدعوة للحوار مع الآخر.. كيف نبعت فكرة المبادرة بتقديم البرنامج لليونيسكو؟
- منذ أن أعلنت منظمة اليونيسكو عن سنة 2010 بأنها السنة الدولية للتقارب بين الثقافات ونحن في المندوبية الدائمة للمملكة لدى المنظمة نسعى بأن يكون لها مشاركة متميزة في هذه السنة الدولية، وبلا شك هناك المشاركات التي تتم في الداخل لدى الدول، لكن أيضاً هناك زخم كبير ستحظى به المشاركات التي تتم في المقر الرئيسي للمنظمة، وما قامت به عدد من الدول البارزة من خلال فعاليات مختلفة، كتنظيم معارض واحتفالات ومناسبات تتضمن العديد من البرامج وغيرها.
واستطعنا بترتيب وبتنسيق وبدعم من سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله أن نحظى بفرصة تنظيم هذه الفعالية قبل انتهاء السنة الدولية بشهرين، وبالتالي ستسجل هذه الفعالية للمملكة ضمن فعاليات السنة الدولية للتقارب بين الثقافات.
وما الذي تتضمنه تلك الفعالية؟
- تتلخص هذه الفعالية بإعلان الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم بتفويض من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن إنشاء البرنامج الجديد الذي قدمته المندوبية الدائمة للمملكة في منظمة اليونيسكو قبل عدة أشهر باسم برنامج عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لتعزيز ثقافة الحوار والسلام وتمت الترتيبات المسبوقة مع الجهات المسؤولة في المملكة لاعتماد هذا البرنامج حتى صدرت موافقة المقام السامي عليه قبل ثلاثة أشهر تقريباً، وسيعلن الأمير فيصل بن عبدالله أمام المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو عن البرنامج أمام وفود رفيعة المستوى بينهم وزراء ثقافة وتربية وشؤون اجتماعية في البلدان المعنية للدول الأعضاء، إضافة إلى المثقفين والأدباء والفنانين والإعلاميين في هذه المناسبة.
وما هي الأرضية التي انطلقت منها المبادرة؟
- الأرضية التي انطلقت منها هذه المبادرة هي أرضية ممتدة أسسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- منذ سنوات وبدأت على المستوى الوطني بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ثم على المستوى العربي والإقليمي بمبادرات المصالحة الثنائية بين الفرقاء، ثم على المستوى العالمي والدولي بمؤتمري مدريد ونيويورك للحوار بين أتباع الديانات؛ والآن هذا البرنامج ليكون مثل الحوض الذي يجمع هذه الأهداف معاً في هذه المنظمة التي تعنى بحوار السلام، وتأسست في الأصل منذ عام 1954 م لتعزيز ثقافة السلام في عقول الناس.
وكيف تتوقعون انعكاسات تلك المبادرة.. وما هو واقعها على المعنيين في المنظمة؟
- إن ما تدعو إليه المملكة في هذا الصدد هو أمنية لكل أعضاء منظمة اليونيسكو وهو هدف أساسي للمنظمة فهي تعطي اهتماماً كبيراً جداً لبرنامج لديها بمسمى ثقافة السلام.. فمبادرة المملكة تعد الآن احتفالية كبيرة لدى المنظمة بأن ثقافة السلام والبرنامج الذي تعثر خلال السنوات الماضية سيدخل حيز التنفيذ بشكل واضح وجلي للانطلاق في آفاق من التطبيقات الحقيقية والميدانية لهذه الأهداف.
لعلنا نذكر تجربة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مع مكتب منظمة اليونيسكو في بيروت حول بناء الحوار بين الشباب.. هل أعطت هذه التجربة تهيئة مناسبة لتلقي البرنامج الأكثر أهمية بما يشمله من تأطير عالمي؟
- بالطبع تجربة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مع مكتب اليونيسكو في بيروت حول مسألة بناء ثقافة الحوار بين الشباب، كانت ناجحة بكل المقاييس، وهذا البرنامج في المنظمة سيسعى لتكبير هذه المبادرة التي تمت بين مركز الملك عبدالعزيز ومكتب اليونيسكو في بيروت، بحيث إنها تشمل مناطق أخرى العالم العربي، وأيضاً تشمل أطرافاً أخرى من العالم الدولي، ومن الأفضل أن نجعل هذا البرنامج ينتشر وقد لا نستطيع من نشره في كل الدول الأعضاء في الوقت الراهن، لكن إن استطعنا أن نجعله يقتحم ثقافات متنوعة بين الثقافات العربية واللاتينية والفرانكفونية والآسيوية والإفريقية سيعطي تشكيلية بانورامية جميلة على الأقل في مرحلته الأولى مما يرغب ويزيد في الحماس للانطلاق في المرحلة المقبلة التي من المؤكد أن تكون أكبر بكثير.
إذن نستطيع القول بأن مبادرة الحوار بشكل عام تحسب للمملكة؟
- نعم هذا صحيح، وقد سبق التنويه بمبادرات المملكة في هذا الجانب من خلال جلسات المجلس التنفيذي للمنظمة خلال العام الماضي حتى قبل التفكير في إنشاء برنامج عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لتعزيز ثقافة الحوار والسلام، كانت المنظمة قد نوهت بمبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإسهام في الحوار بين الثقافات من خلال مؤتمري مدريد ونيويورك للحوار بين أتباع الديانات، وتم توثيق ذلك التنويه في وثائق المنظمة المحفوظة.
وما هو المنتظر من البرنامج على المستوى المحلي والعالمي؟
- المنتظر من البرنامج على المستوى المحلي نستطيع القول إن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني يقوم بالدور الذي يتطلع إليه القائمون عليه، لكن البرنامج سيعزز من الحضور الدولي لمساعي المملكة لخدمة الصوت الدولي في تفعيل أهداف السلام، سيسهم في تصحيح الصورة النمطية المشوهة عن المملكة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وسيقدم الصورة الحقيقية لمسألة الرسالة الأساسية للإسلام في التقريب بين الشعوب وإشاعة السلام في العالم.
عند الحديث عن دور المندوبية الدائمة للمملكة لدى اليونيسكو وعن أدوراها المتعددة.. هناك من يرى أن تركيزها ينصب على ما يخدم الرجل دون المرأة.. كيف ترون ذلك؟
- المندوبية الدائمة للمملكة لدى اليونيسكو تقوم بادوار متعددة في عدة قضايا للمنظمة التي هي أساساً في التربية والثقافة والعلوم والإعلام والتراث، وهذه القضايا تشمل الرجل والمرأة، ولا أود أن ننشغل كثيراً في الهاجس و(فوبيا) الخوف من ظلم المرأة، فيصبح لدينا تركيز كثير على تكرار دور المرأة، فهناك برامج في المنظمة تشمل الإنسان بشكل عام بل معظمها كذلك، وعندما نتعاون في المندوبية مع المنظمة كمنسق معها ومع الجهات المعنية في المملكة فنحن نحاول أن نفعل سواء الاتفاقيات أو القرارات أو الأنظمة أو الأدلة الإجرائية التي تطور آلية العمل في مجالات الثقافة والتربية والعلوم وتتم إحالة هذه البرامج الجديدة إلى المملكة مثل ما تقوم المندوبيات الأخرى بإحالتها إلى الدول الأعضاء.. طبعاً الدولة التي تقوم بالنظر في إمكانية الاستفادة من هذه البرامج للإنسان بما يشمل الرجل والمرأة وإن كان هناك تمييز أو إجحاف فذلك لا يتم داخل المنظمة، ولكن ذلك يحدث في التطبيقات التي تطرحها الدول الأعضاء، ونحن في المندوبية الدائمة للمملكة نسعى دائماً لتعزيز هذا الدور الذي نتطلع إليه جميعاً في المجالات التي تخدم الإنسان.
عند الحديث عن السلام والحوار يتبادر إلى الذهن بطبيعة الحال مسألة الخلاف.. وحري بنا التركيز على مسألة الخلاف بين الأجنحة الثقافية والدينية والتيارات الفكرية بمختلف أطيافها في المملكة، فكيف تنظر المندوبية لهذا الأمر؟
- برنامج عبدالله بن عبدالعزيز العالمي لتعزيز ثقافة الحوار والسلام يهدف في أهم جوانبه إلى إشاعة السلام والتسامح والحوار وهذه قضية أساسية جداً للبرنامج، فهو يحاول ملء الفجوة بين هذه الفصائل الثقافية أو الأيديلوجية الموجودة في كل مجتمع، ومن الطبيعي أن تبقى هذه الاختلافات، لكن لا بد أن ننظر إليها ونتعامل معها على أنها اختلافات تنوع وليست خلافات تضاد، وأن لا يكون هناك قطيعة بين هذه الأطياف الثقافية، لكن نحن نعتقد أن وجود أطياف ثقافية فيه إثراء لمجتمعنا ولأيّ مجتمع وهي جبلة طبيعية لكل مجتمع ينزع إلى محاولة التجديد الثقافي والاجتماعي، فلا بد أن تكون هناك اختلافات في تفسير الحدث اليومي وفي تفسير المتطلبات والرغبات التي يريدها كل فصيل في هذا المجتمع، لكن ينبغي ألا تصل هذه الاختلافات إلى القطيعة، أما ما دون ذلك فهو طبيعي.
وفي ماذا يتعلق في الاختلافات المذهبية؟
- الخلافات المذهبية تندرج تحت مظلة حوار الأديان أكثر مما هي ثقافات، وهي مأخوذة في عين الاعتبار في مبادرة خادم الحرمين الشريفين من خلال اللقاء الذي تم بين ممثلي المذاهب الإسلامية في المملكة قبل عدة سنوات، وقد كانت تلك المبادرة واضحة الأهداف، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في دوراته التي أقيمت للحوار كانت تركز بشكل كبير جداً في محاولة التقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية، وإذا كانت مساعينا للتقارب بين أتباع الأديان مرحب بها فمن باب أولى أن تكون هناك سهولة في تحقيق الآمال في مسألة التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية.
هل هناك فعاليات مصاحبة للبرنامج؟
- يطلق سمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود، والمدير العام للمنظمة الدولية للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) إيرينا بوكوفا معرض (20 نافذة على العالم) ويضم المعرض أكثر من عشرين لوحة لفنانين حول العالم، وهو بمثابة دعوة مفتوحة لحوار الثقافات من منظور فني.