Tuesday  12/10/2010 Issue 13893

الثلاثاء 04 ذو القعدة 1431  العدد  13893

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

العفو عند المقدرة
عبد القادر بن محمد بن قاسم الفهاد *

رجوع

 

نحتاج كثيراً في زماننا هذا وفي حياتنا اليومية القاسية إلا أن نعفو عن بعضنا ونسامح بعضنا عند الوقوع في الخطأ، ونطبّق سياسة الاعتذار ثمّ العفو، ونرى أن كثيراً من الناس ينتقد بعضهم بعضاً في حالة الوقوع في الخطأ، وهذا تصرّف سريع على طبيعتنا نحن البشر، ويكاد أن يصل هذا التصرّف إلى كثرة الكلام والقيل والقال والسب والشتم وأحياناً الاعتداء بالضرب وخلافه، لكن ينبغي أن يتحلّى الجميع بالتروّي والسؤال والاستفسار قبل إصدار الحكم، إن كان هناك خطأ فالواجب علينا معرفته ومعرفة أسبابه ومعالجته بحلول تضمن عدم العودة إلى هذا الخطأ مجدّداً، قال تعالى في كتابه العزيز « {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} صدق الله العظيم، سورة الشورى.وتوجد شريحة من الناس لا يقبلون الخطأ ولا الاعتذار عنه ولا العفو عنه، وأقول لهؤلاء، قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بالحديث الشريف فيما معناه «التمس لأخيك سبعين عذراً فإن لم تجد له عذراً، فقل له عذراً «صدق رسول الله، فاصفحوا عن المخطئ وأفسحوا له المجال للعودة للاعتذار والتوبة واعفوا عنه.لا نستطيع أن ننسى ما يتمثّل به ملكنا أطال الله في عمره وحفظه لنا بالعفو وإطلاق سراح السجناء وإعادتهم إلى عوائلهم، ولا ننسى ما يقوم به أبناء مملكتنا الغالية من مواقف رائعة بكل معنى الكلمة، فكم من حالات القصاص التي ينوي فيها السيّاف أن يقوم بإنهاء عمله ويصدر فيها عفو مع الرمق الأخير، ويتجلّى في هذه المواقف ابتغاءً وجه الله تعالى و تتجلّى هنا الشجاعة والكرم، وهذا ما عوّدنا عليه وطننا ومليكنا.إن كان لدينا المقدرة على العفو فلماذا لا نعفو، كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوّابون، ففي عفونا حتماً سننقذ إنساناً سواءً من القصاص أو السجن وخلافه، وهذه أجرها عند الله تعالى كبير جداً.

إنّ العفو عند المقدرة هو من أعظم الأخلاق الحميدة، فهذه الصفة هي من صفاته عزّ وجلّ أن يعفو وبمقدرته عمّن أذنب، فهو يحب أن يعفو عن عبده، ويحب أن يعفو عبده عن الناس، قال تعالى في كتابه العزيز « {خُذِ الْعَفْوَ }.. إلخ الآية» صدق الله العظيم، سورة الأعراف.

قال الإمام ابن القيم «يا ابن آدم: إن بينك وبين الله خطايا وذنوباً لا يعلمها إلاّ هو وإنّك تحب أن يغفرها لك، فإذا أحببت أن يغفرها لك فاغفر أنت لعباده، وإن أحببت أن يعفوها عنك فاعف أنت عن عباده، فإنّما الجزاء من جنس العمل، تعفو هنا يعفو هناك، تنتقم هنا ينتقم هناك، تطالب بالحق هنا يطالب بالحق هناك».

العفو عند المقدرة دليل على رقي النفس وتقواها وحلمها، وسنربح صفاء الروح والسعادة ومحبّة الناس.أيضاً لا بدّ ألاّ ننسى بأنّ للعفو حدوداً، حيث لا يجوز العفو عن الظالم الذي بطش وقتل وهتك، لأنّ العفو عنه سيزيده ظلماً، ويجب ألاّ نعفو عنه لأنّ هذا سيوقف وقوع الظلم والجرائم وخلافه.

ما المانع أن نجلس بآخر الليل ونتذكّر من ظلمنا ونعفو عنهم لكي ننام مرتاحي البال قريري العين وسعداء.ليت الجميع أن يعودوا إلى كتاب الله العزيز وسنّة النبيّ عليه الصلاة والسلام فسوف يجدون الحيويّة والنشاط وسيصلون إلى السعادة، وليت الآباء والأمهات والمعلّمين بالمدارس والجامعات والخطباء بالمساجد يهتمّون بنشر وإبراز هذه الصفة الجميلة لتكون واضحة للصغير والكبير لما لها من الأثر الكبير على الفرد والمجتمع.

قال تعالى في كتابه العزيز « {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} صدق الله العظيم، سورة آل عمران .

ختاماً : أشهد الله ومن يقرأ مقالي هذا بأنّي ولوجه الله تعالى عفوت عن جميع من ظلمني سابقاً وحديثاً وحتى عمّن يظلمني مستقبلاً.

أسأل الله عزّ وجلّ أن يهدينا جميعاً إلى ما يحبّه ويرضاه وأن يمنحنا سعة الصدر والعفو عند المقدرة.

* مدير إدارة الموارد البشرية والشؤون الإدارية مؤسسة الشتاء والصيف للتجارة والمقاولات

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة