في زاويته كتب الدكتور جاسر الحربش يوم الأربعاء 27 شوال عن بعض الهموم التربوية والمقارنات التعليمية بعنوان استفهامي (هل للمسؤولين في وزارة التربية والتعليم أطفال؟). وبصراحة متناهية هو شخَّص الحال، وكشف حقيقة بعض ما يدور في الميدان التربوي، ولكنه من جهة أخرى بالغ في المقارنات الرقمية بيننا وبين التعليم في دول متقدمة أخرى، التي استشهد بها ضد تعليمنا، بل إن بعض الأرقام لا تُصدَّق لاستحالتها على العقل، وربما يعود ذلك إلى المصدر الذي استند إليه كاتب المقال. ولعلي أضيف بعض النقاط، وأبيّن وأوضح الحقائق، فما ذكره الكاتب أن عدد أيام الدراسة في السعودية (175) يوماً يقل بقليل عن الواقع؛ فالتعليم في السعودية 36 أسبوعاً دراسياً، بما يعادل (180) يوماً، وبما يماثل أيام التعليم في أمريكا التي ذكرها في المقال. وأيضاً من المقارنات التي ذكرها أن عدد أيام الدراسة (الفعلية) في بريطانيا (295)، أي بمعنى آخر (59) أسبوعاً؟! فهذا مستحيل؛ فكيف يحصل ذلك والسنة الكاملة من أول شهر حتى آخر شهر لا تتعدى (51) أسبوعاً فقط!! فهناك لبس، وما ينطبق على بريطانيا ينطبق على الصين (250) يوماً دراسياً كما ذكر؛ فبلغة هذه الأرقام في الصين ستكون مدة إجازة الطلاب الصينيين (14) يوماً في السنة فقط! أما في إسبانيا فذكر أن مدة أيام الدراسة (190) يوماً، وهذا عدد معقول جداً، ولا يفوقنا بشيء يُذكر، وهذا يدل على أن أيام الدراسة لدينا تساير أوائل الدول المتقدمة والمتحضرة، وهذا يُسجَّل لصالح تعليمنا، ولسنا بحاجة إلى المزيد من الأيام الدراسية وما يتبعها من ملل وتسرب دراسي. أما المقارنة الأخرى التي ذهب إليها الكاتب بلغة الأرقام فكانت تتعلق بدقائق الدراسة في اليوم الواحد بيننا وبين الدول الأخرى؛ فذكر على التوالي: السعودية (270) دقيقة دراسية في اليوم، والصين (305)، وبريطانيا (320)، وإسبانيا (300)، وأمريكا (338).. وهذه المقارنة إشارة إلى أن السعودية وتعليمها الأقل دقائق، ولكني سأوضح ما غاب عن الكاتب الذي استند إلى أن (270) دقيقة لتعليمنا اليومي معناه أن مجموع الحصص اليومية (6) حصص فقط، وهذا صحيح، ولكن للمرحلة الابتدائية فقط (45 × 6 = 270)، أما المرحلتان المتوسطة والثانوية لدينا فتصل عدد الدقائق اليومية في بعض الأيام إلى (315) دقيقة متفوقين بذلك على إسبانيا والصين، ومتقاربين جداً مع بريطانيا وأمريكا، بل إن هناك يومين في الأسبوع في المرحلة الثانوية يصل عدد دقائقهما الدراسية اليومية لدينا إلى (360) دقيقة مع حصة النشاط، متفوقين بذلك على دول العالم أجمع في أطول يوم دراسي عالمي، ويجدر بكتاب (جينيس للأرقام القياسية) أن يرصد هذين اليومين. فبلغة الأرقام نافسنا وتفوقنا على الدول المتقدمة، وإن كنت أؤمن بأن العملية التعليمية يجب أن ترتكز على الكيف وليس الكم. أما الشق الثاني في المقال - وهو الأهم من وجهة نظري - فأنا أوافق الكاتب على كل حرف كتبه فيه؛ وذلك لقربي من الميدان التربوي بوصفي معلماً تربوياً يتبع إحدى إدارات التعليم؛ فما ذكره (نفقد الكثير من الساعات على الحشو والتلقين وقف واجلس يا حمار.. هكذا نتعامل مع مستقبل من نسميهم أجيال المستقبل) فللأسف والحسرة أن (بعض) مدارسنا تحوي هذه العينات والتوجهات؛ فلا تقويم لهم، ولا متابعة، ولا محاسبة من قِبل إدارة التعليم بوصفها المسؤول (المباشر) عن هذه العينات ومن خلال مشرفيها المتابعين؛ فبعضهم يختصر زيارته للمدرسة إلى نصف ساعة بدلاً من اليوم الدراسي الكامل، وتذهب هذه الدقائق المعدودة في شرب الشاي والقهوة مع منسوبي المدرسة؛ فلا نستغرب يا دكتور أن يخرج لدينا أجيال مترهلة ثقيلة العقل كما ذكرت.
عبدالعزيز بن سعد اليحيى_ شقراء