خيط رفيع يفصل بين الصراحة والوقاحة؛ (الوقاحة) التي لم تترك لها مسلسلاتنا من الأمر شيء فقد اعتدنا منها الاستهزاء بالقيم والأخلاق، ولكن أن تُقلب الحقيقة باطلاً وكما يقول المثل العامي (عيني عينك) .
فهذا هو الأمر الذي لا يمكن السكوت أو غض الطرف عنه.
صدمت كغيري من المشاهدين عندما تابعت إحدى حلقات مسلسل (بيني وبينك) الذي مازالت فضائياتنا العربية تجتره وتعيده مراراً وتكراراً حلقة (مؤذية) تُجسد حكاية ذلك المجاهر الذي ظهر على برنامج (أحمر بالخط العريض) الذي تم عرضه على قناة (LBC) لتنفي التهم عنه وتخلق منه كائناً بريئاً مع أن الحلقة المعروضة بكامل تفاصيلها وبلقطاتها المتنوعة لا تحتمل التزييف أو التزوير الذي يمكن أن يكون في لقطة أو لقطتين أما في حلقة (مطولة) فهذا هو المحال؟!؛ فهذه الحلقة (الدفاعية) من قبل (بيني وبينك) يمكن أن تنطلي على الناس قبل خمسة وعشرين أو ثلاثين عاماً أما الآن فلا مجال لخداع البشر فقد أصبحوا على درجة من الوعي والدراية ما يمكنهم من التفريق بين الحقيقة والخيال؛ وإذا كانت الجهات القضائية المختصة لم تحكم ببراءته بل أدانته هو ومن اشترك معه في ذلك الفعل (الرذيل) فكيف يبرأ في (بيني وبينك)..؟!
لا ألوم ردود الفعل الغاضبة على تلك الحلقة وغيرها من حلقات ذلك البرنامج الذي لم يترك للوقاحة شيئاً بل تجاوزها بأميالٍ بعيدة (عتيدة) ليثبت لنا ولها بأنه الأفضل والأسمى والأوفى على الإطلاق؛ كيف لا وقد شقَّ لها طرقاً ملتوية كطريق (الأفعى) وابتدع منها معنى جديداً للوقاحة لم نكن ل(نظفر) به لولا تلك التجاوزات (القميئة) من قبل إدارة البرنامج التي وجدت في بعض النماذج السعودية وغيرها (الشاذة) مادة خصبة تغذي توجهاتها (اللا أخلاقية).. فاستمر هذا البرنامج يشق طريقه نحو الانحلال منافساً أعتى البرامج (الوافدة) وقاحةً وسفوراً إلى أن جاءت الطامة (الكبرى).
في يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر رجب من العام تسعة وعشرين وأربع مائة بعد الألف -أي قبل سنتين ونيف- كتبت مقالاً بعنوان (أحمر بالخط العريض) تناولت فيه إحدى القضايا المطروحة في هذا البرنامج (الشاذ) على قناة (LBC) حين خَصَّصَت حلقة عن سكن الفتاة وحدها وقد استضيفت أسرة - تجيد نوعمَّا اللهجة المحلية- وكانت الفتاة تتبجح بحضور والديها اللذين يشجعانها على (الزَّلل) فلو كان هناك عذر أو ما شابهه لما نطقت كلمة واحدة ولكنه يا إخوتي العرب (قانون كيفك..؟!) كفانا الله شره، على أية حال نشرت المقال وتفاوتت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض وما لفت نظري تعليق نُشر في موقع صحيفة الجزيرة الشبكي بعنوان: ( يا أمة ضحكت من جهلها الأمم).. وكان بالنص التالي: (يكتب صحافيونا ومثقفونا وكل القادرين منا على حمل القلم، مقالات تتعرض لقضايا ومشاكل ما هي بقضايا ولا مشاكل. في هذا الصباح فقط، وقفت على ثلاثة نماذج كلها تصنف ضمن هذا السياق: 1-مشكلة قيادة المرأة للسيارة 2-مشكلة وضع الغطاء على رأس المرأة 3-مشكلة سكن الأنثى بمفردها في الشقق والفنادق، ثلاث قضايا لا أعتقد أن قوماً يملكون ذرة واحدة من العقل مستعدون للانشغال بها إلى درجة أن حراكاً في كل موقع ووعاء. على أهلها جنت براقش، انتهى..)؛ مرت الأيام وتفاقمت المشكلة التي وُصِفَ من يُنَاقِشها بأنه لا يملك ذرة واحدة من العقل!، وكل فرد في هذا المجتمع بمختلف طبقاته وتوجهاته أدان تلك الحلقة الماجنة التي سبق عرضها وظهر فيها ذلك الشاب (السعودي) وهو يروّج للدعارة والمجون بكل صراحة ووضوح ضارباً مثالاً يحتذى به في ميدان (الوقاحة) عندما تحدث عن علاقاته الجنسية المحرّمة بكل تفاصيلها واستضاف طاقم البرنامج داخل شقته ليجول بهم في ردهاتها (المنحلة) مستعرضاً الأماكن والأدوات التي يستخدمها هو وعصبته (الفاسقة) أثناء مباشرتهم لهذه الفواحش (علناً)، فمقطع البرنامج موجود على شبكة (اليوتيوب) ومن المؤكد أن عدداً كبيراً من سكان الكرة الأرضية قد استقيؤوا ذلك اللقاء (المنحل) الذي يصدر بقرب أميال من أطهر بقاع العالم؟!، وما يثير الاشمئزاز ذلك المؤتمر الرسمي الذي عقد في شقته يتناقشون في أفضل طريقة ل...، وفي ختام اللقاء ظهر وهو يشرح كيفية استدراج الشابات من الأسواق والأماكن العامة مختتماً ذلك بقوله (أبجرب حظي..؟!) وهو يدخل إلى أحد الأسواق!، كان من الأفضل أن تُدرك إدارة القناة حجم الضرر الذي تحاول إلصاقه بالمملكة العربية السعودية من خلال تلك الحلقة وسابقاتها وأن تكتفي بها ولكنها أبت إلا أن تجد طريقاً لتشويه الوطن وكل مواطن سعودي يعيش داخل هذا البلد المعطاء.