تعد رياضة المشي في الهواء الطلق - وليس عبر السير الكهربائي - من أسهل أنواع الرياضات التي يمكن لمعظم الناس ممارستها. وللمشي اليومي مدة نصف ساعة دور في تنشيط الدورة الدموية مما يمكن الدماغ من أخذ كمية كافية من الدم للقيام بالعمليات الحيوية والنشاطات اليومية وهو ما يساعده على الحفاظ على نفسه ضد الخرف أو الشيخوخة المبكرة. فضلا أنها سبب لدرء بعض المخاطر الصحية لكثير من الأمراض. ولعل أكثر المستفيدين من رياضة المشي مرضى السكري، حيث يساعد على تنظيم ضغط الدم وخفض نسبة الدهون الثلاثية فيه.كما يعد علاجا فعالا لآلام الظهر والتهاب الأعصاب والفقرات،والوقاية من تصلب الشرايين. وتقليص الإصابة بسرطان الثدي والمساعدة على نوم هنيء.حيث إن ارتفاع حرارة الجسم جراء المشي يدفع الدماغ لتخفيض حرارة الجسم لاحقاً ما يساعد على النوم.كما يؤكد باحثون أن المشي محفز لإفراز هرمون (سيروتونين) المحسّن للمزاج والمساعد على الاسترخاء. وينبغي عدم الإسراف في ساعات المشي أو الإفراط في بذل جهد جسدي شاق، بل يُرتأى التوسط والاعتدال.ولعل القرآن الكريم تطرق لذلك في قوله تعالى (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) والمقصود هو الاعتدال بين الإبطاء والجري. ومنها يمكن استنباط حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في حثه على كثرة الخطى للمساجد وما فيها من الأجر، وليس المقصود التكليف على الناس بقدر الترغيب في المشي، وبذل طاقة تعود على الجسد والنفس بالخير. فللمشي تأثير بالغ في تخفيف حدة التوتر والتخلص من الضغوط اليومية، والمزيد من التأمل والتفكير المتزن لكونه يقوي من عزيمة الفرد ويشعره بالسعادة ويحرره من الاكتئاب والقلق والتعب، بسبب إفراز هرمون (الإندروفين) أثناء المشي المحفز على تحسين المزاج. إضافة إلى أنه يساعد الفرد على البقاء رشيقا ولائقاً بدنياً وهو ما ينعكس إيجابيا على مزاجه. وينبغي التركيز على المنشود من رياضة المشي، فإن كان الهدف هو حرق100سعر حراري في اليوم؛ فإن المدة اللازمة لحرق هذه السعرات هي المشي ببطء لمدة ساعة كاملة. أما ممارسو المشي السريع فالزمن المطلوب لحرق نفس الكمية من السعرات هو ثلاثين دقيقة. ومن الطريف أن تشاهد بعض الأشخاص في مضامير المشي وميادين الجري وقد شغلوا أنفسهم بالتحدث بالجوال! ففي حين يعقد بعضهم الصفقات التجارية أثناء المشي فهناك آخرون يفاوضون بأسعار السلع! وقد سمعت رجلا يدرس أحد أبنائه إحدى المواد وهو يهرول ويتحدث بالجوال. وهو ما تنافى مع متعة الرياضة باعتبارها بالفعل رياضة ممتعة. ويحسن بنا التذكير بأن أفضل وقت لممارسة رياضة المشي هو الصباح الباكر أو المساء لكي يكون الجسم قادرا على تحمل الوقت المخصص بلا تذمر تبعا للطقس. فعوامل المناخ في بلادنا تحد من الاستمتاع بممارسة هذه الرياضة المفيدة، وكذلك قلة وجود أماكن ملائمة للمشي. ومن الخطأ مزاولة رياضة المشي بعد تناول طعام دسم كوسيلة لهضم تلك الوجبة الثقيلة ومحاولة التخفيف منها، فعملية الهضم تعتمد على ضخ القلب كميات كبيرة من الدم إلى المعدة والأمعاء، بينما يستنزف المشي كميات إضافية من الدم لضخها لعضلات الساقين، وهنا يتسبب المشي بإرهاق القلب وجعله يوجه كميات الدم المطلوبة للساقين على حساب متطلبات المعدة والأمعاء مما ينتج عنه عسر في الهضم. وعليه، فإن الوقت الأنسب لممارسة المشي هو بعد تناول الطعام بساعة على الأقل. ولعلكم بعد قراءة المقال ستنشطون للقيام بهذه الرياضة اللطيفة المناسبة لجميع أفراد المجتمع وطبقاتهم الاقتصادية، إلا أن الانتظام فيها والاستمرار في مزاولتها أهم من القيام بها للحصول على اللياقة الصحية والبدنية والنفسية، بحيث تصبح هذه الرياضة جزءاً من جدولك اليومي الذي تتوق إليه، ولا تكاد تمله.
www.rogaia.net