قال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) وقال المصطفى عليه الصلاة والسلام (العلماء ورثة الأنبياء).. ولأننا كمسلمين يحثنا ديننا على ألا ننكر المعروف ونذكر الخيرين والخيرات ومن أفادوا الأمة والمجتمع بأي شيء حتى ولو كان بسيطاً.. لذلك فهنا يحتم علي أن أتذكر وأذكر الجميع معي برجل فقدناه فمثل هذا الوقت من السنة السابقة أي منذ عام.. رجل قدم الكثير من العلم والخدمات لمجتمعه ووطنه ولدينه إلا وهو الدكتور عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن إسحاق آل الشيخ - رحمه الله -.. ومن لا يعرفه فهو الابن الأكبر لوالده الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل الشيخ.. بدأ - رحمه الله - تعليمه منذ الصغر في أفضل المؤسسات التعليمية في ذلك الوقت.. وحفظ القرآن الكريم وهو في سن العاشرة من عمره وبعد أن وصل عمره للسن الخامسة عشرة فقد بصره ورغم فقده لأهم نعمه إلا أنه لم يجزع أو يعترض على حكمة الله بل كافح وأكمل تعليمه.. حيث درس في (دار التوحيد) بالطائف والتي لا تقبل إلا الطلبة النجباء.. وبعد تخرجه منها عاد إلى الرياض والتحق بالمعهد العالي للقضاء بالرياض وتخرج منه.. والتحق بكلية الشريعة وحصل على الشهادة العالية بتقدير امتياز.. كذلك حصل على شهادة الماجستير، وكان عنوان الرسالة: (الطلاق السني والبدعي في الشريعة الإسلامية فقه مقارنة)، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة الأزهر مع مرتبة الشرف الأولى في تحقيق كتاب (تلقيح المفهوم في تنقيح صيغ العموم).
وقد شغل مناصب عديدة بالدولة مهمة بدايةً ككاتب في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم مفتش بها ورئيس لإحدى مراكزها وأيضاً محام شرعي بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومن ثم مدير للشؤون المالية بها ومدير إدارة البحوث في البحوث العلمية والإفتاء وأمين عام للدعوة الإسلامية بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف ومن ثم مستشار بها ودرس بجامعة الملك سعود للثقافة الإسلامية والعديد من المناصب لا يسعني ذكرها وحصرها.
فهذا الرجل لابد أن يقتدي به جميع الشباب في هذا الوقت والأجيال القادمة.. وعند ذكري لدرجات التعليم التي وصل إليها والمناصب التي شغلها كان فاقداً لأهم نعمة ألا وهي نعمة البصر.. وهنا أخالف المقولة التي تقول فاقد الشيء لا يعطيه لأن هذا الرجل أعطى وأبصر الناس بأمور عديدة على الرغم من فقده لنعمة البصر، فهو أعطى بدلاً منها الكثير لذا علينا كشباب أن نتبصر بهذا الرجل القدير.. لمروره بالكثير من الأزمات الصحية كذلك إلا أنه مكافح صبور خلف علماً غزيراً.. حيث له العديد من المؤلفات وأهمها: مختصر تفسير ابن كثير للقرآن الكريم.. وأسلم على يده المئات وآخر من أسلم على يده وهو على فراش المرض كان قسيساً، كما أنه أيضا خلف أبناءً لا يسعني إلا أن أذكرهم بخير، فهم يكملون سيرته العطرة في حبهم للعلم وفعل الخير مثله - رحمه الله - ليكملوا سيرة والدهم الذي أعزيهم به مرة أخرى وأعزي نفسي والجميع دوماً بهذا الرجل الرائع الذي قدم الكثير طوال حياته وأثناء مرضه، وهذا ليس بغريب على أبناء مجتمعنا أن يكون منهم شخصيات ناجحة تفيد مجتمعها وتتخطى الصعاب، وكذلك ليس غريباً على من هم من سلالة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي.. وأنا إذا كنت أفتخر بأهلي وقبيلتي مرة فإني أفتخر بأخوالي آل تميم مرتين لأنهم كذلك ذوو أصل عريق وعلم.
أخيراً أظنكم توافقونني أننا فقدنا رجلاً عالماً ذا علم وأصل عريق وشخصية مؤثرة له مكانته ويستحق أن يذكر دوما ويقتدى به ونتعلم منه معاصرته للحياة وحبه للعلم رغم الصعوبات التي ألمت به.. ونترحم عليه، وعسى أن يرزق الله الأمة مثله من المتعلمين الخيرين لينفعوا دينهم ووطنهم.