تقرير - سلطان المواش
صدر العدد قبل الأخير من السنة السادسة والثلاثين لمجلة «الدارة» الفصلية المحكمة التي تصدر عن دارة الملك عبدالعزيز مشتملاً على أربعة بحوث متنوعة في الموضوع والمنحى، وتصدر العدد بحث في مجال تاريخ العمارة وأدواتها في مدينة الرياض عني بالمباني الخرسانية التي انتشرت في العاصمة في عقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الرابع عشر الهجري إبان الفترات المتعاقبة لحكم الملك عبدالعزيز والملك سعود والملك فيصل -رحمهم الله-، ورأى الباحث الدكتور مساعد بن عبدالله بن عمر السدحان عضو هيئة التدريس في قسم العمارة وعلوم البناء بكلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود أن هذه الحلقة المعمارية مهمة في دلالاتها التاريخية بتسجيلها لمرحلة من التحضر عاشتها الرياض في الشكل العمراني وكذلك في تخطيط المدينة بشكل عام، وأشار الدكتور السدحان إلى أهمية تقديم دراسة لذلك النوع من المباني سواء الباقية على حالها أو التي تعرضت للتغيير في واجهاتها أو التي أضيفت لها مباني جديدة بأسلوب معماري جديد، بعد أن خرجت الرياض عن سورها وبدأت في الاتساع -حسب تقسيمه- بعد مرحلة ما قبل السبعينيات الهجرية/ الخمسينيات الميلادية التي هيمنت فيها العمارة الطينية، وقبل مرحلة ما بين عام 1393هـ-1973م وحتى العام الحالي التي استوعبت البناء بالخرسانة المسلحة وأدوات بنائية جديدة.
وسجل الدكتور السدحان في بحثه الموثق ببعض الصور للمباني المدروسة وبعض الخرائط الهندسية لبداية البناء الخرساني في الرياض متمثلة في بعض مقرات الوزارات والمجمعات السكنية الحكومية ثم تعدت إلى المباني الاستثمارية الخاصة مثل الفنادق والعمارات السكنية الخاصة حتى أصبح ميسوراً لأفراد المجتمع لأسباب عدة، منها إنشاء سكة الحديد التي أصبحت وسيلة مهمة لنقل الأسمنت والحديد إلى الرياض قبل فترة إنشاء مصانع الأسمنت، وأشار أن المبنى في تلك المرحلة المعمارية يعتمد في تصميمه على تحقيق وظيفة المبنى الرئيسة وبكل بساطة، وأوصى الباحث الدكتور مساعد السدحان الذي اعتمد في بحثه على التوثيقات الإعلامية والمشاهدات الميدانية المتخصصة في ختام بحثه على أهمية ضم تلك المباني إلى الخريطة السياحية للرياض والاهتمام بها، والتشجيع على إعادة تأهيلها من قبل مالكيها بدل هدمها، وإنشاء أرشيف هندسي لحفظ رسومات مباني المنشآت الحكومية جميعاً منذ عهد الملك عبدالعزيز. وفي البحث الثاني رصد الدكتور ناصر بن محمد الجهيمي نائب أمين عام دارة الملك عبدالعزيز من خلال الوثائق البريطانية والعثمانية والمحلية أحداث ضم الملك عبدالعزيز الأحساء وتداعيات ذلك.
كما أورد الباحث الدكتور الجهيمي - ما كتبه محمد المسلم من أدباء القطيف: «... حدثني الصديق عبدالله أخوان بأن والده كان من أشد المتحمسين للحكم السعودي وذكر أن الأمير عبدالرحمن بن سويلم حينما قدم بسريته إلى القطيف ونزل المريقيب بعث والده علي أخوان ابن عمه حسن لاستقباله في سيهات كما استقبله أيضاً عمدة سيهات حسين بن نصر..» واستمر البحث في سرد قصص تاريخية تعكس الود الذي لقيه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- من قبل أهالي المنطقة، كما أورد قصيدتين وثقتا لهذا الضم الكبير، إحداهما قصيدة الشاعر محمد بن عبدالله بن عثيمين المشهورة والتي مطلعها:
العز والمجد في الهندية القُضب
لا في الرسائل والتنميق للخطب
وتحت عنوان: «دور المرأة في المعبد في الجزيرة العربية من القرن السابع قبل الميلاد إلى الرابع الميلادي» قدمت الدكتورة فتحية بنت حسين عقاب عضو هيئة التدريس بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة الملك عبدالعزيز بحثاً استعانت فيه بالنقوش المكتشفة والموثقة عن أدوار المرأة الدينية والوظيفية ضمن علاقتها بمكان العبادة في تلك الحقبة القديمة من تاريخ الجزيرة العربية.
ومن خلال البحث الرابع والأخير في العدد الجديد يقدم الدكتور عبدالرزاق بن أحمد راشد المعمري عضو هيئة التدريس بقسم الآثار في كلية الآثار والسياحة بجامعة الملك سعود تحقيباً (تقسيم مرحلي) لدراسات ما قبل التاريخ في شبه الجزيرة العربية ينقسم إلى ثلاث مراحل كل مرحلة مقسمة إلى فترات داخلية.