يُخطئ مَنْ يظنُّ أنَّه بمقدور دولة واحدة مواجهة تعقيدات الإرهاب، الذي تتورط في التخطيط له وتنفذه العديد من الجهات الدولية والإقليمية والمحلية، ومِن بينها عناصرٌ رسميةٌ ليستْ محصورةً في أجهزة الاستخبارات، بل وصلَ الأمرُ لدى الكثير من الدول إلى تشكيل وحدات عسكرية تعملُ خارجَ حدود دولها لتخريب وتدمير استقرار الدول الأخرى. فقد كَشَفَتْ الأحداث في السنوات الأخيرة أنَّ هناك فيالق تحملُ أسماءَ مُخادعة تُجَنِّد الإرهابيين وتُدرِّبُهم وتمدُّهم بالسلاح وتُفْرِزُ ضباطاً كباراً يقودونهم عند تنفيذ العمليات الإرهابية، بعضهم يغيِّر أسماءه، والبعض الآخر يزوِّر جنسيته ليتزود بجنسية القُطر المراد هزّ الاستقرار داخله.
الولايات المتحدة الأمريكية بأجهزتها المتخصصة وقدراتها البشرية والتقنية، اخترقتها جماعات الإرهاب، مما فرض على واشنطن أن تطلب عونَ حلفائها الأوروبيين وغيرهم.
دول الاتحاد الأوروبي بتنوع قدراتها، وتراكم خبراتها، وتعدد أجهزتها المتخصصة، أيضاً عانت وتعاني من اختراق عصابات الإرهاب التي حوَّلتْ المدن الأوروبية إلى ساحات رُعبٍ وخوف انتقل إلى الفضاء، فأصبح الإنسان غير آمن حتى وهو في السماء..!!
أمام تطوير الإرهابيين لأدواتهم واستثمارهم لتطوير التقنية لأعمالهم الشريرة، أصبح المطلوب أنْ تتحالف قوى الخير لمواجهة هذه الهجمة الشريرة، أصبح الأمر ليس مطلوباً فحسب بل واجباً أن تتحالف الدول فيما بينها لتنسيق أعمالها وصهرها في بوتقة واحدة للاستفادة من القدرات الذاتية لكل دولة وجمعها في دائرة واحدة لتعويض عجز دولة ما بتعزيزه بتفوق دولة أخرى، لتكوين منظومة قوية تواجه شر مجاميع الإرهاب، وهو ما يفرض أن تعززه دول مجلس التعاون التي لها جهود مشكورة في إيجاد تعاون وتنسيق بينها، وبالذات بين الأجهزة الأمنية مدعومة بتشجيع ودعم من قادة دول المجلس. إلا أنَّ الأمر الآن لا يتعدى تنسيقاً -إنْ صح القول- في أطره التقليدية. وبما أن الأشرار الإرهابيين يطورون أدواتهم ويصعِّدون من أعمالهم، فإنَّ المطلوب من منظومة دول الخليج العربية أن تطور من عملها وتدمج كلَّ أجهزتها المتخصصة في مواجهة الإرهاب، مدعومةً ب»بنك معلومات» وقوة تَدَخُّل جاهزة وعلى مستوى عالٍ جداً من المهارة والقدرة، لمواجهة القوى الإرهابية الغاشمة، وأنْ تسبقَ عصابات الإرهاب في الاستفادة من التقنية، بحيث تكون دول المجلس سبَّاقةً في حربها مع هذه العصابات الإرهابية التي لم تعد امتداداتها الخارجية خافية على أحد.
JAZPING: 9999
