دعني أدخل في هذا المقام الذي توجه مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية معالي الدكتور سليمان عبد الله أبا الخيل بالإعلان عن إطلاق مناسبة البدء، بكرسي الملك عبد العزيز للدراسات التاريخية يوم الثلاثاء من قول الشاعر الوطني عبد الرحمن الحوطي بقصيدته التي مطلعها:
دار ياللي سعدها تو ما جاها
عقب ما هي ذليلة جالها هيبة
وجاء آخر بيت في القصيدة قوله:
يوم شفته بعيني طاب ممساها
طير حوران شاقتني مظاريبه
يشارك الشاعر عبد الرحمن الحوطي المؤرخين هذه المناسبة وكأنه يرمي إلى معالم وأهداف تأسيس هذا الكرسي في تلقائية وطنية ويرمي بصور عدة في هذه القصيدة وصفاً في كبدها بقوله:
عقب ماهي عجوز جدد صباها
زينها للعرب قامت تماريبه
ويشير بذلك إلى البعد الوطني لتأسيس المملكة العربية السعودية منبهاً كل من يشاركهم في هذه المناسبة من الباحثين والمؤرخين في صورة لا تقف عند حدود الاستعراض لزاوية تقتصر على الجانب العسكري لتوحيد هذا الكيان لأن القصيدة كافية في معانيها وأسلوبها ومصدر إبداعها من الذات الوطنية التي يجب أن تكون ماثلة في كل الأوقات وفي تواصل جيلي وأمانة يحملها الباحثون تحت مظلة هذا الكرسي.
قد يعطف على هذا الكرسي الجوانب الحضارية بكل معالمها لكونه أحد ميادين البحث العلمي الذي تحرص عليه مراكز البحث انطلاقاً من منهجها وأسس تكوينها وواجباتها، إلا أن كلمة مدير الجامعة تجاوزت الاستعراض والتوجيهات إلى العمق الذي يستهدفه إنشاء هذا الكرسي وهو الجانب الإنساني الحضاري الذي يجب أن يكون مصدراً من مصادر الإلهام الوطني باستمرارية يكشف من خلالها خلايا التكوين الدقيقة والتفاعلية بين ثلاثية الحضارة وهي الزمان والمكان والإنسان. ولا يخفى على الباحث ضرورة المهارة والقدرة والاستمرارية كأحد أساسيات الطرح العلمي الذي ينشده ليكون مسهماً في الساحة الوطنية كأحد واجباته العلمية و العملية.
والذي يعني هنا بشكل أكبر الإنسان الذي في هذه الصحراء التي لا تملك ما يهزم الجوع في ذلك الوقت، وكأن إنسان هذه الجزيرة في شغف وشوق إلى من يحمل الراية التي حملها الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وقد وشحتها كلمة التوحيد حتى أصبحت راية يحملها كل من سار تحت لوائها.
إنه الملك عبد العزيز - رحمه الله - ذلك الإنسان الذي ملك فضلاً عن الشجاعة والقدرة السياسية والاجتماعية والفكرية والإنسانية التي تجلت في تعامله مع كل إنسان في هذه الأرض قريب من معينه وعينه أو بعيداً عنه جسداً في مساحات هذا الكيان.
وهذا ما يطرح عددا من التساؤلات على كل الباحثين وعلماء التاريخ والاجتماع ممن شاركوا في هذه المناسبة وغيرهم:
- هل يستحق عبد الرحمن الحوطي ومن أفصح عن رؤيته الوطنية أن يكون مشاركاً في هذه المناسبة ؟
- هل الميدان الحضاري للمملكة منذ التأسيس إلى اليوم يستوعب كل عناصر التفاعل ومن الضرورة كشف ما يتوارى بقصد أو بغير قصد ويكون الكرسي مظلة تحتضنه؟
- هل تحظى كل الأحداث في أرض الوطن ولو كان صغيراً أن يكون تحت مظلة الكرسي؟
- لا أعتقد الإجابة بلا.. لها.. مجال في هذا المقام لأن الوطن كمكان روح لذلك الإنسان وممره الزمان.
مدير عام الإعلام التربوي - وزارة التربية والتعليم