لم يعُد الإعلام تابعاً لرجال السياسة؛ إذ أصبحت وسائل الإعلام القوية التي تلتزم وتتمسك بالمعايير المهنية والأخلاقية والأدبية تتفوق على المؤسسات السياسية، حتى السيادية والرئيسية منها، وأصبحت مقولة (الصحافة السلطة الرابعة) بحاجة إلى تقييم أكثر علواً؛ فالإعلام المستقل وغير الخاضع لأي توجهات وإملاءات أقوى بكثير من المؤسسات السياسية؛ إذ تعدت أهمية وسطوة الإعلام الدور الإخباري وطرح الآراء إلى ممارسة دور رقابي قادر على كشف الأخطاء وفضحها من خلال نشرها وإيصالها إلى كل بيت ومُتلقٍّ مهما ابتعد عن مكان الحدث بعد تطوُّر أجهزة الاتصال واستثمار وسائل الإعلام ثورة الاتصالات.
وهنا تظهر أهمية التدقيق في نوعية وشخصية العاملين في الحقل الإعلامي ووسائل الإعلام، مثلما تشدد المؤسسات السياسية في نوعية العاملين في هذا الضرب الذي يحتاج إلى خصائص وسمات يجب أن تتوافر في الشخص الذي يضطلع بهذا العمل. وإذا كانت صفات الصدق والأمانة والنزاهة والتفاني في خدمة المجتمع من الشروط التي يجب أن تتوافر فيمن يعمل في السياسة فالواجب أن تكون هذه الشروط من الواجب توافرها في العاملين في المجال الصحفي، خاصة في الحقول التي تتصدى للمهام الرقابية، وتتبع آراء المجتمع للإحاطة بها والتعريف بها بوصفها رأياً عاماً يُظهر قناعات المجتمع بما يريد تحقيقه.
هذه المهام التي تفرض على ممارس العمل الصحفي أعباء مهنية وأخلاقية وأدبية، تجعله مشاركاً في تحمُّل المسؤولية وتصويب مسارات المجتمع وتنميته ومعالجة الأخطاء التي تحدث في عملية بناء المجتمعات، وهي مسؤولية يتشارك فيها الجميع دون إفراط لمهام فريق دون فريق آخر، ودون التقليل من فئة دون أخرى؛ ولهذا فإن دور ومهام رجل الإعلام يُكمل ويتساوى مع عمل السياسي والتاجر والصناعي والزراعي، الذين يعملون جميعاً في بوتقة واحدة لتنمية ورفع قدرات الوطن الذي ينتمون إليه.
JAZPING: 9999