الملكة الروحية أو الضمير يسمع صوته في الوقت المناسب واللازم بهمسات الحنو بادياً منها، ومهمته تعديل مسيرٍ انحرف دون أن يسبب ألماً، أو أن يشعر صاحبه بلوم يؤذيه.
رائع محتوى هذا الهمس وتلك الالتفاتة، إنه حكيم لا يُكثر الكلام إلا حين يكون لذلك مبرر، ومن أراد أن يتجنب مثل هذه الهمسات فما عليه إلا التزام فطرته واستقامة نهجه بعيداً عن كل ما يدعو إلى صوت الضمير حتى تدوم حكمته وراحته مستقراً راضياً مرضياً.
إن خطابه لا يثير مللاً وإن حرص كل الناس على أن يدوم هذا الرضا، فلا ينزعج ولا يزعج حيث همسات أو صرخات هذا من تكويننا لأمر يجب أن نحرص على أن لا يحدث، وبالذات أن يكون صراخاً وإلحاحاً ينشد الكمال.
إن الاعتدال وسيطرة المعتدل من السلوك لهو أمر فاعل إذا كانت إطلالتنا من زاوية جوهرها نهج صالح وتفاصيله مصلحة على أن نتجنب تضخم الضمير، فكم يكون ذلك شقاء ومعاناة لاسيما أن نكون مسؤولين عن سببه وسلوكنا أدى إليه.
إن النفس المطمئنة حصيلة عمر لم يدنسه إلا الحد الأدنى من الخطأ، إذاً هي نفس مطمئنة تحقق لنا قدراً من التصالح مع النفس، وتبشر بعائد تحمد عقباه، ولو عرض على إنسان من الناس استئصال ضميره لرفض الحياة التي تنعدم فيها خير بوصلة وحادٍ ومرشد.
إن الحياة بما توفر فيها من مال أو جاه لا تأتي بشيء من الاستقرار، ويظل مطلب الاستقرار النفسي واستقامة السلوك رائداً من رواد هذا الوجود الذي أنعم به الخالق سبحانه وتعالى، فالإنسان مدعو إلى بذل الجهد بما يرضي الله ويرضي النفس، وبالتالي يحقق له الاستقرار.
إن الملكة الروحية أو الضمير تؤثر في النفس وتتأثر بها، واعتدال الحالة النفسية استقرار للملكة الروحية، وجانب آخر يضجر منه الضمير حين نخطئ في حق من نعرف، فيساعدنا على اتباع أفضل مالدينا ونحن نتعامل مع الناس.
ومن المهم أن ندفع الضمير إلى حالة من الاعتدال حتى لا نشقى كنتيجة لحساسيتنا المفرطة التي تنعكس على الضمير مسببة لنا ألماً نفسياً غير مبرر، وحيوية الضمير هي حيوية لوجودنا وللحياة، والله الموفق.