لا أدري كيف أدخل إلى هذا المقال؟ فالأبواب التي تقود إليه كثيرة، لكني وجدت أن الباب النفسي للنقاد، أو بمعنى آخر الغوص في نفسية الناقد والإبحار في عمقها قد تسهل عرض المشكلة، فعلى ما يبدو ويظهر في قراءة بعض النقاد للروايات النسائية يظهر جليا للعيان أن هذا الناقد، وذاك متأزم نفسيا من نقد المرأة للرجل حتى لو كان هذا النقد في رواية أو قصة خاصة إذا جاء النقد من إمرأة فالمرأة يا سادتي حين تكتب رواية أو ق صة يكون بطلها الرجل ويجسده الواقع بأنه سيء وظالم أو قاسي لا سيما إذا كانت الرواية واقعية ومن صميم المجتمع المعاش خاصة في زمن الجهل والعادات القديمة الخ.. أم تكون قد تعرضت لأذى منهم، وليس أيضا معنى ذلك أنها تقصد كل الرجال، فكما هنا رجال ظالمون ومدينون وقاسون! أيضاً هناك نساء مثلهم.
ولعل القارئ الكريم يتساءل عن سبب طرقي لهذا المقال.. (فروايتي امرأة على فوهة بركان) إتهمني فيها بعض النقاد بقوله إن الكاتبة: تسلطت على الرجل في هذه الرواية وظلمته واتهمته بالقسوة والظلم، كذلك قبل عن رواية لروائية غيري لا يحضرني اسمها الآن، عندما جسدت ظلم الرجل وقسوته من خلال روايتها، وكأننا في عرف هؤلاء قد تجلينا على جميع الرجل! وكأن جميع الرجال مسالمون ومنزهون عن الظلم والجبروت والقسوة، أو كأنهم ملائكة لا يخطئون، ونحن النساء فقط المتسلطات عليهم، أو كأن تشرد الأولاد، وتفكك الأٍر ليس بسبب أمثلا هؤلاء الرجال؟ عفوا أخي الرجل فليس كل الرجال سواسية في الفكر والتميز والإنسانية والتعامل والتقدير والوفاء والإخلاص والعدل، وإلا لكنا نعيش في عالم مثالي وحياة سعيدة بلا منقصات أو متاعب.
سأوضح نقطتين لكل ناقد أو كاتب أو حتى قارئ يظن أن المرأة تتسلط على الرجل حتى لو أنه قرأ لها مجرد قصة أو رواية واحدة فستلاحقه هذه الفكرة عن الروائية والقاصة في جميع مراحل حياته، وسيظل ينتقدها في جميع مؤلفاتها بذلك ويسيء لها ولفكرها، وينسى في ظل ذلك الرواية إذا كانت واقعية أو تمثل حالة إنسانية في زمن من الأزمان، فمن واجب الكاتب وصدقه أن يجسد للقارئ هذه الحقيقة بالفعل، كما فعلت في رواية امرأة على فوهة بركان، وعلم غيري الكثير من القاصات والقاصين، وقد إنتقد أحد المتحدثين الرواية (لكوني ذكرت في جزء منها أن المرأة كات في الزمن القديم لا تأكل مع الرجل في صحن واحد، بل تنتظره حتى يفرغ من الأكل وتأكل بعده، وهذه حقيقة لارماء فيها كانت تطبق في بعض مناطق مملكتنا المترامية الأطراف تقديراً للرجل وكعادة من العادات القديمة، وليس لقسوة الرجل كما كان النساء عند وجود دعوة وليمة أو حفل كن يأكلن بعد الرجال، كان هذا يحدث في مجتمعنا بالأحساء ورغم ذلك انتقدها من لم يعرفها ولم تكن معروفة في منطقته واعتبروها تجنيا وتسلطا على الرجل واعتبر تعامل بطل القصة بقسوة وقوة مع زوجته تجني على الرجل وهذه مع الأسف حقيقة حدثت، وكثيرا ما كانت تحدث، وحتى في زمننا هذا، فقسوة وجبروت وظلم بعض الرجال لزوجاتهم وأبنائهم دفعت البعض للكاتبة عن معاناته في الصحف، وجعلت آخرين يبحثون عن منقذ لهم، وظهرت في الآونة الأخيرة في هيئة حقوق الإنسان نحن الكاتبات والقاصات والروائيات، نريد فقط نقداً هادفاً واقعا، لا نقدا هادما فقط لمجرد النقد، بعض نقادنا الأعزاء يريدون أن تمجدهم الكاتبات، والروائيات في كل ما يكتبونه.
وتظهرونه بالصورة الجميلة التي تليق بهم وتظهرهم بالصورة الأقوى حتى لو كانت هذه الصورة مهزوزة أو مزيفة، وحتى لو كانت الصورة في قصة أو عمل أدبي، لماذا أيها النقاد تظهرون قوتكم على المرأة، وتحاولون دائما التقليل من شأنها حتى لو كانت تساويكم في الفكر والتميز في أي مجال، وإذا تفوقت عليكم بحثتم عن سبب للتقليل من إنجازها أيها الرجال الأعزاء الرجولة ليس في قوة الشخصية فقط، بل بالعطاء بالوطنية الصادقة المخلصة بالعمل الجاد المخلص وبالنزاهة والعدالة، أنقذوا أعمال المرأة بصدق دون تسلط وعاملوها كما تعملون زميلكم الرجل، فليس هناك من هو معصوم من الخطأ, دعونا نثق فيكم وفي نقدكم، وثقوا في أعمالنا لا نريد ثناءً زائداً ولا نقداً هداما، فقط نقد بناء وهادف.
بهية بوسبيت -الأحساء -
amel-m@gawab.com