الموت حق.. وقال الله عز وجل مخاطباً سيد الخلق وخاتم الأنبياء: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}، وكل منا مهما طالت إقامته في هذه الدنيا فهو زائل لا محالة..
.. نرجو الله العلي القدير أن نكون على الحق.. وأن تكون خاتمتنا خيراً إن شاء الله.
لقد عرفت معالي المرحوم الأخ والصديق الدكتور محمد عبده يماني عندما كنت مسؤولاً في جامعة الملك سعود، وكان -رحمه الله- أستاذاً في كلية العلوم، وعرفته عن قرب، عندما اشتركنا في مهمة رسمية لاختيار الأساتذة للجامعة في كل من العراق، والأردن، وسوريا، ولبنان.
كان دمث الأخلاق، متواضعاً، عنده قدرة فائقة على جمع الأصدقاء، سمح الوجه صادق التعبير، لم أشاهده يوماً من الأيام غاضباً.. أو لائماً.. أو منتقصاً حق أحد.
استمرت علاقتي به قوية ومتينة خلال عمله في وزارة المعارف وكيلاً لها.. ثم عندما أصبح وزيراً للإعلام، وكنت أمين مدينة الرياض..
وأذكر أنه اتصل بي ذات ليلة يخبرني أن مجلس الوزراء الموقر قد وافق على تعييني أميناً لمدينة الرياض.. وقال لي مازحاً (يا عبد الله بكره تتكبر علينا).. ولكن الأيام أثبتت غير ذلك.
استمرت العلاقة المتينة، والاتصالات المستمرة بيننا بعد تركه وزارة الإعلام، التي كانت بصماته واضحة وقوية فيها.. معتمداً على الله عز وجل.. ثم على ثقة ولاة الأمر -حفظهم الله-.. وكان جريئاً في الحق لا تأخذه فيه لومة لائم.
كنت أهاتفه باستمرار وأسمع إلى حديثه في الراديو، كان داعية حق وصدق وأعماله المكتوبة خير دليل على ذلك.
لا شك أن صلته وقرابته بالشيخ الفاضل والمحسن الكبير الشيخ صالح عبد الله كامل، تركت أثراً كبيراً في مجالات الإحسان ورعاية اليتامى، ومساعدة المحتاجين، فكم من عائلة مستورة سترها الله.. ثم هذا الثنائي الفاضل.
أعطى الله الشيخ صالح مالاً عرف كيف يوظفه، بمهارة شخصية منه، وبمتابعة مستمرة من رفيق دربه معالي المرحوم محمد عبده يماني، الشيخ صالح يساعد ويعطي ويتبرع، ولديه قائمة طويلة من المحتاجين يرعاها، دون أن يطلع على عمله أحد إلا الله عز وجل الذي منحه القدرة، ثم رفيق دربه المرحوم.
هذا ليس مدحاً أو تزلفاً.. وإنما المناسبة اقتضت الإشارة إلى هذا الثنائي الإنساني الفاضل.
رحم الله فقيدنا وأخانا الإنسان المجاهد محمد عبده يماني.. ومتَّع الله زميله وصديقه وأخاه الشيخ الفاضل صالح عبدالله كامل بالصحة والعافية واستمرار العمل الإنساني الذي يقوم به.
ووفق الله أبناء المرحوم ياسر وإخوانه وأحسن الله عزاءهم وجَبَرَ مصيبتهم وجعلهم خير خلف لخير سلف.
{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}.. (والدال على الخير كفاعله).
{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}.