من منا لا يذكر نحن الإعلاميين في هذا البلد ممّن هُم في جيلي أو قريبين منه فضيلة الشيخ (ثاني المنصور) أول مراقب ديني ولغوي في (إذاعة الرياض) عليه رحمة الله.. ومن منا لا يذكر الأستاذ (سعود الضويحي) عليه رحمة الله والذي كان مديراً لإدارة الأخبار يوم كنتُ مديراً لإذاعة الرياض.
إننا نتذكّر بكثير من الحنين والحب زميلنا المذيع الكبير الأستاذ (محمد عبد الرحمن الشعلان) عليه رحمة الله، ونتذكّر كذلك زميلنا المذيع الكبير الدكتور (محمد كامل خطاب) عليه رحمة الله، وزميلنا الأستاذ (عبد الرحمن منصور الزامل) عليه رحمة الله والذي ختم حياته الوظيفية في التحرير بإدارة الأخبار، وزميلنا المذيع المتعاون الأستاذ (علي آل علي) عليه رحمة الله ... هذا في (الرياض)، وأما في (جدة) فنتذكّر المذيع والمطرب الكبير الأستاذ (مطلق مخلد الذيابي) سمير الوادي والمذيع الأديب الأستاذ (عبد الكريم نيازي) والمذيع العريق الأستاذ (يحيى كتوعة) عليهم رحمات الله، والمذيع القدير الأستاذ (حسن الطوخي).
إننا نتذكّر ولا ننسى في (التلفزيون) زميلنا المخرج الكبير الأستاذ (منذر النقوري) عليه رحمة الله أول مخرج محترف عمل في تلفزيون (الرياض) لأكثر من ثلاثين عاماً، وكان مخرجاً فذاً للبرامج التمثيلية بصورة خاصة إضافة إلى كونه مخرج برنامج (مجالس الإيمان)، ولا ننسى كذلك المخرج المبدع الأستاذ (سعد الفريح) عليه رحمة الله - والذي أظنه قد انتقل إلى رحمة الله وهو يحضر عملاً للتلفزيون - والمخرج الأستاذ (بشير المارديني) مخرج المنوعات الأول في تلفزيون (الرياض).
إننا نتذكّر أيضاً بكل محبة وحنين الأستاذ الكبير (محي الدين القابسي) عليه رحمة الله، أحد كتّاب النصوص المميزين المرموقين في عالمنا العربي والذي قضى في الرياض متأثراً بمرض السكر ومضاعفاته.. مات عليه رحمة الله وهو يكتب مسلسلاً عن الصحابي الجليل (سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه، تحت اسم (المسلم الخامس)!.
إنني لا أنسى أبداً أسماء اختزنتها الذاكرة، ونقشت على شغاف القلب مع انطلاقة (تلفزيون الرياض).. (محمد الضراب).. و(علي العودان) و(محمد الفهيد) و(طلال عشقي) و(فوزان الفوزان) و(إدريس الإدريس) و(مراد تركستاني) و(خالد التويجري) و(مساعد السعدون) و(بهجت مفتي) و(عبد الله باجسير) و(أحمد تاج الدين الشيخ) و(فتح زعيتر) و(راغب القدومي) .... و(عبد الله سامي كاروج) وغيرهم وغيرهم.
هل يمكننا أن ننسى المراقب الديني واللغوي في (إذاعة جدة) الأديب الباحث العلاّمة الشيخ (أبا تراب الظاهري) عليه رحمة الله. وهل يمكننا أن ننسى المذيع الذي كان مرافقاً لجلالة الملك (سعود) عليه رحمة الله، الزميل (بكر يونس) عليه رحمة الله.
وعلى صعيد آخر فإنّ (إذاعة الرياض) لا تنسى أبداً الأخوات الكريمات اللواتي ساهمن في انطلاقتها وشاركن في سَبْقِها وتقدمها.. لا تنسى أبداً السيدات الكريمات:
الدكتورة (فاطمة المنديلي) والدكتورة (خيرية السقاف) و(فريال مكي كردي) و(منيرة الأحيدب) و(دنيا بكر يونس) و(عائشة مصطفى حماد) و(نوال أحمد بخش) و(بتول مراد) و(سلوى شاكر) و(نبيلة أحمد السلاخ) و(سميرة أبو حبيب) عليها رحمة الله و(زكية إبراهيم الحجي) و(سلوى نجم) و(أمل عبد الهادي النجار) وغيرهن .. وغيرهن.
وعلى هذا الأساس، فإنّ اقتراحي المتواضع عندما نريد أن نحتفي بالعاملين معنا فيجب أن يتضمّن هذا الاحتفاء النقاط التالية:
أولاً : أن يكون المحتفى بهم ممن كانوا يعملون في الإذاعة أو التلفزيون في (الرياض) أو (جدة) أو غيرهما داخل المملكة أو خارجها.
ثانياً : أن يكون للروّاد الأوائل نصيبهم الذي يستحقونه في هذا المجال.
ثالثاً : أن يكون للذين انتقلوا إلى رحمة الله وهم ما يزالون في وظائفهم نصيبٌ مميّز في هذا الاحتفاء.
رابعاً : أن يكون للروّاد في ميادين إعلامنا وللأوائل فيه ممن هم على قيد الحياة نصيب خاص في هذا الاحتفاء.
خامساً : يمكن إضافة (الصحافة) كميدان من ميادين الإعلام إلى ميدان (الإذاعة والتلفزيون) فيعامل منسوبوها في الاحتفاء والتكريم مثل منسوبي الإذاعة والتلفزيون.. ويمكن كذلك أن يحتفى بأهل الصحافة بصورة مستقلة.
وأجد من المناسب بل من الضروري أن أتعرّض الآن لحالات بعض الزملاء الذين أعرفهم ممن تعرّضوا لعوارض صحية، أو أصيبوا بإصابات بدنية أقعدتهم عن الحركة أو حدَّتْ من نشاطهم أو عطائهم.
أذكر منهم الزملاء الأعزاء (ماجد الشبل) و(غالب كامل) و(فهد الهاجري) والدكتور الشاعر (عدنان النحوي) والشاعر الغنائي الكبير (مسلم البرازي) و(محمد موسى المجددي) و(عبد الكريم الخطيب).
وأسأل من هو المذيع الذي ملأ الدنيا وشغل الناس على شاشة التلفزيون السعودي لأكثر من خمسة وأربعين عاماً، شغل الناس بوسامته وقسامته، وحضوره، وحسن أدائه وتمكنه من عمله واحترافه له؟
- والجواب بلا تردُّد هو الأستاذ ماجد الشبل!.
ومن هو المذيع الذي تربّع على عرش التلفزيون السعودي برشاقته، وخفة دمه، وبرامجه المنوّعة، الشيّقة طيلة هذه المدة؟
- والجواب هو الأستاذ غالب كامل!.
أما الزميل (فهد يعقوب الهاجري) فهو مذيع قديم ساهم في تأسيس (إذاعة الرياض) وفي تأسيس (التلفزيون السعودي) وقد عمل فترة طويلة في الإذاعة والتلفزيون ثم انتقل إلى (المطبوعات) وتقاعد من العمل وهو مدير عام لهذا القسم من وزارة الثقافة والإعلام.
وأما المهندس الدكتور الشاعر (عدنان النحوي) الذي تخطّى الآن الثمانين من عمره، متعه الله بالصحة والعافية، فقد عمل في (إذاعة الرياض) منذ عام ألف وثلاث مائة وأربعة وثمانين للهجرة أي منذ تأسيسها، وكان له دور كبير في بناء ورعاية (محطة خريص) للمرسلات الإذاعية المتوسطة والقصيرة وكان له دور أكبر مشرّف في مقارعة الشركات الأجنبية عند بنائها لهذه المرسلات والوقوف في وجه انحرافها وفسادها.. وكان له مثل هذا الدور المشرّف عندما كان مسؤولاً عن محطة إرسال (حمص) التي تخدم الإذاعة السورية، قبل مجيئه للمملكة واستقراره فيها.
والشاعر الغنائي الكبير الأستاذ (مسلم صبري البرازي) الذي ملأ الدنيا أيضاً وشغل الناس بأناشيده الإسلامية وأغانيه الوطنية حتى ردّدها القريب والبعيد، والطفل والرجل والمرأة، فتغنّت بالوحدة الإسلامية والتضامن الإسلامي، وأبرزت دور المملكة على النطاق العربي والإسلامي والعالمي، وأنشدت لجبال المملكة وسهولها وشواطئها وفيافيها، وحاضرتها وباديتها.. وصدح بتلك الأناشيد والأغاني بالإضافة إلى (المجموعة).. (وديع الصافي) و(محرم فؤاد) و(فهد بلان) و(مها الجابري) و(فدوى عبيد) والفنان الكبير (طارق عبد الحكيم) متّعه الله بالصحة والعافية.
وأما المهندس الأستاذ (محمد موسى المجددي) مدير الاستوديوهات الأسبق في (إذاعة الرياض) فطاقة فنية كبيرة، وخبرة عملية نادرة.
لقد كان الأستاذ (المجددي) مهندساً عاملاً على (الكونترول) في (إذاعة القاهرة) يوم جاء السيد (محمد أنور السادات) عليه رحمة الله حاملاً معه البيان الأول للثورة المصرية الحديثة يوم الثالث والعشرين من تمور - (يولية) عام ألف وتسع مائة واثنين وخمسين، قبل أن يأتي إلى المملكة ويعمل في الإذاعة ويستقر فيها، وكان أحد المؤسسين الكبار لإذاعة الرياض عند قيامها في الأول من رمضان عام ألف وثلاث مائة وأربعة وثمانين.. وكان وراء الانتفاضة القوية، والنهضة الشاملة التي حدثت في (إذاعة الرياض) عام ألف وثلاث مائة وثمانية وثمانين.. وكان مشرفاً عاماً على شركات الصيانة التي أعادت الاستوديوهات الخمسة في مباني الإذاعة القديمة في (شارع الفرزدق) إلى الإنتاج، وبعثتْها من مرقدها، وأعادت (إذاعة الرياض) إلى سابق عهدها، بل جعلتْها تسابق (إذاعة جدة) ذات المباني الحديثة والاستوديوهات الثمانية فتسبقها.. وصارت (إذاعة الرياض) بعد ذلك إذاعة لها وزنها ولها صوتها المميّز ولونها المفضّل في المنطقة، وامتدادها الشعبي في دول الخليج العربي بصورة خاصة... إنه تخطّى الآن الثمانين من عمره ويعاني ما يعاني من أمراض شفاه الله وعافاه منها.
وأما الأستاذ (عبد الكريم محمود الخطيب) فهو الآن قد تجاوز الخامسة والسبعين من العمر، يقوم بأداء الصلاة على كرسيه إذْ إنه لا يستطيع أن يسجد على الأرض.. وإن أراد أن يمشي يستعين بالعصا تماماً كما أفعل أنا!.
كان (عبد الكريم الخطيب) حينما كنت في (إذاعة الرياض) نموذجاً في العمل الدؤوب والانضباط بقواعده، والالتزام بآدابه وأخلاقياته، ويكفي لأدلل على جده ونشاطه واجتهاده، أنه بالإضافة إلى أعماله الإدارية والفنية كان (مديراً لإدارة البرامج الشعبية).. كان بالإضافة إلى ذلك يقوم بإعداد وإخراج برنامجين يوميين الأول برنامج (الأرض الطبية) الذي تشرف عليه (وزارة الزراعة)، والثاني هو البرنامج التمثيلي الناجح جداً (مجلس أبو حمدان) وأستطيع القول إن (عبد الكريم الخطيب) كان عمله يضطره إلى أن (يتغدّى) أو (يتعشّى) في الإذاعة.. وربما اضطره عمله إلى أن ينام فيها في بعض الأحيان، وهو واحد من الأفراد القلائل الذين صادفْتهم في حياتي ممن يحبون عملهم بل يعشقونه بل يتفانون فيه!!.
إنّ هؤلاء الرجال الأبطال السبعة الذين خدموا وطنهم بجد وتفانٍ وإخلاص ولم يبخلوا بتقديم الغالي والنفيس لِسَبقِه وتقدمه وأن يكون في الصدارة على الدوام..
إنّ هؤلاء المجاهدين الأبطال المتميزين يعانون من ظروف صحية مختلفة، أحسب أنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يمتحنهم من خلالها.
فأحدهم يعاني من مرض السكر ومضاعفاته وهو يقضي ما بقي من عمره في أحد المستشفيات لمعالجة هذا المرض الخطير ومضاعفاته الصعبة!.
وثانيهم مصاب بشلل نصفي أعاقه عن الحركة والمشي، وعطّل نشاطه بعدما كان شُعلة من الحركة ومضرب المثل في الهمّة، ومصدراً من مصادر الخير والعطاء!!.
وثالثهم ماتت زوجته قبل عدة سنوات وانقطع عنه الأهل والولد والأصحاب بعدما أصيب ب(الزهايمر) ولا يسأل عنه الآن إلاّ خادم له يقوم ببعض شؤونه!!.
ورابعهم أصيب بالربو وببعض آلام الصدر فهو يعاني من ضيق التنفس بعدما كان في طليعة الناس همّة وشباباً وعطاءً وحيوية ونشاطاً!.
وخامسهم يعاني من أمراض القلب، بعدما أجرى عدداً من العمليات الجراحية، إنه لا يقوى على المشي، ولا يستطيع القيام والقعود إلاّ بصعوبة، وقد كان في يوم من الأيام طاقة كبيرة وإمكانية ضخمة وخبرة لا تجارى!!.
وسادسهم بالإضافة إلى ما يعانيه من مرض (النقرس) وتجاوزه الخامسة والسبعين من العمر، بالإضافة إلى ذلك كله فإنه لا يحمل (جواز سفر) وليس لديه (إقامة) ولا يحمل (هوية شخصية).. وأكثر من ذلك فليس لديه مورد يكفيه، ولا سيارة توصله إلى مراده، ولا مال يغطي حاجاته!!.. ولقد كان هذا الإنسان الحساس في يوم من الأيام مالئ الدنيا وشاغل الناس كما كان المتنبي عليه رحمة الله!!!.
لم ينته الحديث عن هؤلاء وأمثالهم ... فأستمحيك العذر قارئي العزيز وأطلب إليك أن نلتقى في الحديث القادم إن شاء الله.
(*) للاتصال وإبداء الرأي:
z-alayoubi@hotmail.com