|
تونس – حسن سلمان
قال مدير عام إذاعة الرياض سعد الجريس إن الإذاعة استطاعت أن تواكب الثورة التكنولوجية وتتكيف معها، مشيرا إلى وجود عدد كبير من الإذاعات تبث بشكل مباشر على شبكة الإنترنت.
وأضاف الجريس الذي انتُخب مؤخرا مديرا للجنة الدائمة للإذاعة في اتحاد إذاعات الدول العربية «الإذاعة لا يمكن أن تختفي من عالمنا، فما دام هناك سيارة تسير وما دام هناك متصفحو إنترنت فالإذاعة موجودة، لأن الإذاعة بطبيعتها لا تحتاج للتركيز بعكس التلفزيون والوسائل الأخرى وهذه أبرز خصائصها، والآن ثمة برامج تمكنك من سماع أكثر من إذاعة في وقت واحد وهذا يتيح خيارات متعددة للمستمع ويمنح غنى وتنوعا أكثر للإذاعة».
وقال الجريس في حديث ل(الجزيرة) «إن الوسائل التقنية الحديثة هي في خدمة الإذاعة، وقد أعطتها بعدا أكثر من ذي قبل، فعندما جاء الراديو ‹الترانزستور› كان نقلة نوعية ومتقدمة جدا على الراديو القديم (الثابت)، أما الآن فالإذاعة موجودة في كل مكان عبر الإنترنت والبث الفضائي ووسائل النقل، والنقلة الهندسية الكبيرة القادمة والمتمثلة في استقبال البث الإذاعي الفضائي في وسائل النقل، حيث يتوقع أن تحوي جميع وسائل النقل في المستقبل أجهزة استقبال فضائي يستطيع من خلالها المتلقي الاستماع إلى الإذاعة التي يفضلها وهو في سيارته».
وأشار الجريس إلى أن المنافسة بين الإذاعة والتلفزيون كانت وما زالت قائمة، مشيرا إلى أن «الصورة في التلفزيون تحتاج إلى تركيز ولكن عندما تتحول الصورة إلى صوت فأنت تحولت إلى إذاعة، بمعنى إذا أغمضت عينيك خلال متابعتك للتلفزيون ووصلتك الرسالة فهذا يعني أن العمل التلفزيوني فشل فشلا ذريعا، أما في الإذاعة إذا أغمضت عينيك ووصلتك الرسالة فالعمل الإذاعي ناجح، لأن العمل الإذاعي يعتمد على الصوت في مخاطبة المتلقي وإثارة خياله وهذه أحد الخصائص التي تميز الإذاعة عن التلفزيون، فضلا عن خاصية عدم الحاجة إلى التركيز خلال تلقي الرسالة الإذاعية التي تحدثنا عنها سابقا».
وقال الجريس إن البرامج الإذاعية شهدت تطورا كبيرا «حيث أصبحت البرامج مفتوحة وقصيرة، ولم نعد نعوّل على طول البرنامج وإنما على قصر الرسالة واختصارها وتكثيفها وضمان وصولها في أسرع وقت للمستمع الذي لم يعد لديه وقت طويل لمتابعة برنامج طويل جدا».
وأضاف «من أبرز ملامح البرامج في الوقت الحالي هو الملمح الوقتي، ففي الماضي كان البرنامج يقاس بالوقت، الآن أصبحنا نقيس البرنامج بمضمون الرسالة، الملمح الثاني هو دوائر الاهتمام والقرب، بمعنى إذا لم تلتصق الإذاعة بهموم ومشاكل الناس والمجتمع لن يسمعها أحد، الملمح الثالث هو الشكل، فأنت تزوّق أو تجمّل أي منتج وتروج له كي يجذب الانتباه ويتم اقتناؤه، وهذا الأمر ينطبق على البرامج الإذاعية، فعذوبة الصوت ونقاوته والإخراج الجيد والمؤثرات الصوتية المناسبة عوامل لا بد أن تتوافر في المنتج الإذاعي حتى يكون جاذبا ومؤثرا في المستمع».
وقال الجريس إن إذاعة اليوم يجب أن تخفف من الجانب الترفيهي «لأنك إذا أكثرت من هذا الجانب هرب منك المستمع بدل أن تجذبه، فهو يستطيع الحصول على الترفيه من أي مكان آخر، على سبيل المثال أنت تبث عددا كبيرا من الأغاني فيما يستطيع المستمع اقتناء ألبوم أو ‹سي دي› أو أي وسيط أسهل وأرخص يضم عددا غير محدود من الأغنيات التي يتحكم بزمن سماعها وتكرارها في أي وقت».وأضاف «الإذاعة بالمقابل إذا أرادت الوصول للناس يجب أن تتفاعل معهم، انتهت الإذاعة ذات الاتجاه الواحد أو الإذاعة التلقينية (أن أعطيك معلومات وأثقفك بشكل تلقيني مباشر)، حتى ألوان الإنتاج الإعلامي أصبحت الآن تدار بتفاعلية ونقاش وحوار يبرز وجهات النظر، الرأي والرأي الآخر». وحول اتحاد إذاعات الدول العربية قال الجريس «الاتحاد هو منظومة عربية إعلامية بدأت من الإذاعة ثم جاء التلفزيون وكان أكثر شدا، فاختفت الإذاعة في دهاليز الاتحاد وبدأ العمل على التلفزيون وخاصة على صعيد الأخبار بحكم طابع الخبر كمادة إعلامية، وكان هناك ميل أكثر في البداية باتجاه التنسيق والتبادل الإخباري بين التلفزيونات العربية، ومن ثم بدأ الاهتمام بالجانب الرياضي وحقوق ملكية بث المباريات، فأصبح الاتحاد يسعى لشراء حقوق البث وتوفيرها للتلفزيونات العربية».
وأضاف «بعد إقصائها من قبل شقيقها الأصغر (التلفزيون) أرادت الإذاعة أن يكون لها موقعها، فكان هناك عزيمة من الإدارة العامة للاتحاد واكبها تجاوب المسؤولين الأوائل في الإذاعات العربية الذين بذلوا قصارى جهدهم وتفاعلوا مع ميثاق التبادل، ركزوا خلاله على تبادل البرامج الإذاعية لإثراء الترابط بين جميع الدول العربية».
وأكد الجريس أن علاقته بالاتحاد بدأت منذ 15 عاما «كانت متقطعة وأصبحت دائمة بحضوري اللجنة الدائمة للإذاعة ممثلا للإذاعة السعودية ثم نائبا أولا للرئيس في الولاية السابقة ثم رئيسا للجنة الدائمة». وحول استراتيجية العمل التي سيتبعها في الدورة القادمة قال الجريس «الاستراتيجية تقوم على مبدأين، الأول وجود خطة مرسومة وفق منهج نتبعه في آلية العمل في اللجنة الدائمة للإذاعة، الثاني هي الأمور التي تستجد بين الحين والآخر».
وأضاف «هناك تركيز على إشراك القطاع الإخباري والرياضي في لجنتنا لأنه كان يتم تناوله بشكل بسيط وضيق في الإذاعة بسبب وجود لجنتين للرياضة والأخبار في التلفزيون، وكنا نتمنى أن يتسع مجالها ليشمل الإذاعة أيضا ولكن خشية من أن يبتلعنا التلفزيون وبعد دراسة معمقة لمدة عامين اتجه الرأي إلى أن تحتوي اللجنة الدائمة للإذاعة هذا النشاط ليكون ضمن برنامج عملها، وبالتالي تستفيد إدارات الأخبار والعمل الإخباري والرياضي في الإذاعات العربية من هذه الحوارات التي تتم على هامش اللجنة الدائمة للإذاعة ومن جميع ما يقدم من أفكار ومقترحات وتجارب من الإذاعات العربية».