استبشر العراقيُّون خيراً بعدَ أنْ شاهدوا قادةَ المشهد السياسي العراقي الجديد يلتقون في أربيل والابتسامات تعلو وجوهَهُم، وحتى أحاديثهم والخُطب التي تناوبوا على إلقائها خَلَتْ من الكلمات الحادة. وطبعاً لا وجود أصلاً للكلمات النابية، لأنَّ الخطاب السياسي العراقي دائماً نظيفٌ لم تصل العدوى إليه من سياسيي بلدان عربية أخرى، إلا أنَّ خلوَّ الخطاب السياسي العراقي من الإساءات والكلمات الحادة رافقه أيضاً خلوٌ من أي طرح يساعد على حل المشكلة، بل كرَّس تَشبُثَ القوى الطائفية والعنصرية بمواقفها، والعملَ على فرض ما حصلتْ عليه كأمر واقع دون الالتفات إلى ما أفرزته الانتخابات الأخيرة.
مبادرة السيد مسعود برزاني في جوهرها مبادرة جيدة، إلا أنَّها لا فائدة منها إنْ لم يتم التعامل معها بنوايا صادقة وعزم أكيد على تفضيل مصلحة الوطن على مصلحة الطائفة، وقبلَ ذلك على المصلحة الشخصية. الاجتماعات التمهيدية التي سبقتْ لقاء أربيل، ولقاء أربيل وما تبعه في بغداد خلال اليومين الأخيرين، أظهرتْ أنَّ كلَّ الذي جرى ويجري التخطيط له هو (قتل الوقت)، ومن ثم عقد اجتماع مجلس النواب، حيث يتمُّ من خلاله فرض نوري المالكي رئيساً للحكومة وبالصلاحيات المطلَقة نفسها كحكام عسكري، وجلال طالباني رئيساً للجمهورية، وأيضاً وبالصلاحيات البرتكولية نفسها.
أمَّا مَنْ حصلوا على المركز الأول في الانتخابات البرلمانية الأخيرة فعليهم أن يقتنعوا بمنصب رئاسة البرلمان التي لا صلاحيات لها ولا تأثير، بحكم عودة التكتلات والتحالفات الطائفية والعرقية.
فرضٌ للأمر الواقع بقوة صلاحيات الحاكم العسكري وتدخلات الدولة الإقليمية، وهذا ما فرَّغَ كلَّ شُحنات التفاؤل، وجعلَ مساحةَ التشاؤمِ تكبرُ وتتسعُ في عراق اليوم، الذي أصبحَ نهباً للأطماع الإقليمية والطموحات الطائفية والعنصرية.
JAZPING: 9999