أناسٌ كثيرون يمرون على الحياة ولكن... منهم من يمر مرَّ السحابة لا ريث ولا عجل وطائفة يمكثون غير يسير وشريحة يقفون ويستوقفون وفي كل لحظة من لحظات الحياة يصنعون الحدث ويكونون محوره وعمقه فيدهشون بصنعهم ودهائهم ونبلهم وما يحملون من عمق ثقافة يرسمون في الموقف الواحد ألف مشهد ويأسرون بأقلامهم وألسنتهم... يملكون زمام اللغة ولهم مع البلاغة حسن التقاء لهم آذان يسمعون بها وقلوب يفقهون بها بشكل أخّاذ.
ذكر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم عطر بما يكفي لملامسة القول في فنون الأخلاق وجميل اللغة والمكرور في ذكر النبلاء حقيق بالاستحسان.
أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره
كما المسك ما كررته يتضوّع ُ
ففي ذكر سموه خلجات ووقفات جديرة بالتأمل والتمحيص (وقوف شحيح ٍ ضاع في الترب خاتمه) كما قال المتنبي آفاق مهمهية وتنوفة تعقبها تنوفة كلما جئت بخيلك ورجلك لساحات سموه المليئة بالمساحة... لا هاء وهاء ولا يداً بيد كما قال الفقهاء ولكنها الحقيقة البيضاء المستحقة للإيضاح والدرس... رجال في روعة رجل وأمة من الناس تسقى في شخصية بارزة صنعت الحدث وحازت قصب السبق ولها القدح المعلا بما تمتلكه من حس وحدس وفطنة.
لا يدرك المجد إلا سيدٌ فطن
بما يشقّ على السادات فعّال
كذا كان ويكون سمو الأمير... وصعوبة الحديث الشامل المستقصي عن سموه تكمن في عجزي عن الإلمام بمناقبه المتعددة، إذ الحديث عن فيصل بن بندر وهذا يكفي....
قد تعجز الكلمات عن مدلولها
وتموتُ في بحرِ الحروف معاني
وإن قالوا يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق... لكن المقام والمقال يحتاجان للقلادة الزبرجدية الكاملة النظم والصفة والجمال...
وعزائي أن أتواجد بصحبة الحرف في ذكر الأمير...
تسع سنين خضر وأخر مفعمات والمناسبات والأحداث تترى والأمير يقلّدني التشجيع تلو التشجيع وأي وسام أرقى وأي دعم أنقى من ذلك؟!
يا أيها القارئ ما كنت مستوفياً وإن استعنت بالقريض أو أزجيت النثر في صفات سموه، إذ الصفة لا ترتقي لمستوى الموصوف وإن تعممت باللغة وتأزرت بالثقافة فالإشراقة أوسع والأفق
فضفاض لدرجة عدم الإحاطة.
أضاءت لهم أخلاقهم ووجوههم
دجى الليل حتى نظّم الجزع ثاقبهْ
حقيقة.. مدهش هذا الأمير الفذ...!! إن تحدث أبهر واستهوى الأفئدة بفصاحته ولغته النقية وتصريحات سموه مثال حيّ وإن كتب فبقلم سيَّال وبجمل آخذة برقاب بعض وبسلامة لغوية شائقة وبسهولة ممتنعة ومزاوجة بين تحليق للمعنى ومتانة للمبنى... وخط الأمير في المتناول وقريب من كل صاحب لب.
أما الحوار بحضرة سمو الأمير فيصل فقل ما شئت من تقبّل للرأي الآخر والاستماع الكشّاف والبحث الدؤوب عن الحقيقة أياً كان مصدرها وحسن التعامل ودماثة الخلق تغلّف كل ذلك... لذا يستطاب كلامه ولا يملّ... وما شهدنا إلا بما علمنا... إضافة لتوجيهاته الرائدة التي تنفع الناس وتمكث في ذاكرة الأوفياء.
ونقد الأمير لذيذ المذاق رائحته عطره للباحثين عن الحقيقة وتعديل المعوج وأثره عظيم... تصريح لا مناص عنه (وما بيال أقوام) حاضرة على لسان سموه كحضور الاستفهام الموجه لزيد من الناس وكأني بسموه يستحضر قول الشاعر:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلى
مضر كوضع السيف في موضع الندى
نقد موضوعي منهجي جعل المنتقد الحصيف والمدرك يزداد إعجاباً بعقلية الأمير المتناهية الذكاء عقل مميز يتلمس الداء وفي نفس الوقت بين برديه الدواء.
واللافت أن مكان سموه - حفظه الله - مليء بالجدية وبالنقاشات المثمرة والبحث المستديم عن القول المقترن بالفعل وبالمخرجات المنتظرة ولا يخرج الحاضر أو الزائر إلا وقد حمل إضافة.
وفيهم مقامات حسانٌ وجوهها
وأندية ينتابها القولُ والفعلُ
ولعله من جميل القول تقدير وحب الأمير للعمل المتقن وإشاعة ذلك في الذين بذلوا وخططوا كما لديه دقة نادرة في رصد مكامن الخلل في وقت قياسي مهما جلّ أو دقّ تفتيشاً عن الجودة وظهور الصورة بألوانها المتناسقة لتسرّ الناظرين...
وفي كل مناسبة سيشرفها سموه تجد الطاقم توّاق يريد القرب من التكامل لإرضاء الذات وقبل ذلك تقديم المتناهي أمام الأمير فيصل... إذاً لا مناص عن ملازمة الأفضل في زوايا مسرح سيطل فيه في كواليسه وممثليه ومقدميه وجمهوره... وكل شيء يضاف لا بد أن يكمل الشكل العام...
لذلك حينما يأتي الثناء وتكون الإشادة من أمير بحجم ومكانة وفكر وثقافة الأمير فيصل بن بندر فذاك يعني الكثير والكثير.
وبفضل ربي ما وقفت موقفاً بحضرته مقدماً أو كاتباً أو معداً لطلاب أو مشرفاً على معارض وخصوصاً الوطنية منها إلا ويقلّدني أوسمة التشجيع بكلمات أعجز أن أفيها الشكر
.سأشكر عمراً إن تراخت منيتي
أياديَ لم تمنن وإن هي جلّتِ
نعم، أحب هذا الأمير الفذ في كل شيء حباً لا أملك إلا أن أبوح به وأتشرّف بكل كلمة لامست مسامعي وتركت الأثر الكبير في مسيرتي الشخصية أو العملية وسأظل أحفظ لهذا الأمير ذلك داعياً له دعمه المعنوي كما هو ديدنه في دعم كل من قدّم وكل من اجتهد لخدمة الدين والوطن وأبناء هذا الوطن الخالد.
أحبك لا تفسير عندي لصبوتي
أفسّر ماذا والهوى لايفسّرُ
وأنا على مشارف الختام أقول مما فتح الله عليّ من الشعر في سيدي وأعلم أنها لا تصل لمقامه الكريم وإنما شيء في النفس أبى إلا أن يبوح:
على ذكرك الزاهي من الحب روعة
وكلك إفضالٌ وبالدعم ِ مغدقُ
رفعتُ لك الأشعارأطلقت راية ً
وفيكم سمو المجد تعلو وتخفقُ
أمير فصيح القول من حسن فكرهِ
بدا كل حرف للعنان محلّقُ
أرى وجهك الباهي فأزداد غبطة
تزيل ظلاماً.. أنت كالشمس تشرقُ
أفيصل وشّحت السرور بدعمكم
لبست به تاجاً وطوّقتُ رونقُ
درست بك الإتقان من فهم سيدي
بداهتك العظمى عن الغير ِ تسبق ُ
أحبكَ لا أرجو من الحب غاية
أحبك هذا الحب بالفضل ينطق ُ
حفظ الله سيدي وأدام عليه الصحة وبقي نبراساً للجميع.
* مدير إدارة النشاط الطلابي بالإدارة العامة للتربية والتعليم للبنين بمنطقة القصيم