كتب - عبدالعزيز المتعب :
إن من صميم دور الإعلام الوطني الجاد، وتحديداً في الجانب الأدبي منه الذي يَمثُل باسقاً في المشهد الثقافي السعودي، تفعيل الحيادية التي تنقل الاختلافات في وجهات النظر الأدبية بحيادية مسؤولة تقف عند حدود الاختلاف في الذائقة كما هي لا كما يُراد لها أن تُطرح حسب الأمزجة، والأهواء، والتضمينات التي تأخذ منحى مؤسفاً غالباً للتهميشات، والاستعلائيات الوهمية التي هي من صنع خيال من يستجلبها من اللاوجود المنطقي الحقيقي الموثق بالأدلة والحجج والبراهين في كل «جوانب الثقافة ببحورها وشموليتها» بما فيها النظريات والثوابت الأدبية غير الطيِّعة وغير المنقادة لمن يريد اعتسافها في غير مواضعها وهذه بدهية لا تقبل التأويل (لدقتها) من أي زاوية تناولها الباحث.
ولأن الشعر الرائع هو كذلك فصيحه وشعبيه، ولأن القناة الثقافية السعودية «متجددة» و»مواكبة»، ويرى القائمون عليها الأمور من الزوايا التي تأخذ الأولوية في «التناول»، لذلك ابتدؤوا من حيث انتهى الآخرون ولم يجترُّوا في منهجيتهم، ومهنيتهم العالية، كأولئك الذين يستهويهم الوقوف طويلاً.. عند ما كتبه ابن رشيق القيرواني، وابن سلاّم في تصنيف الشعر والشعراء، بل أدركوا بمثالية أن المرحلة تحتِّم الخوض في خضم الحراك الأدبي وتسجيل إنجاز يحسب للإعلام الرسمي والقائمين عليه في المملكة العربية السعودية، - من ذلك - ما شاهده الجميع من برنامج (أديب وسيرة) حيث أبدع الدكتور عبدالله المعيقل وهو المتخصص الأكاديمي المعروف بإنجازاته ونشاطاته المتلاحقة في مهرجان الجنادرية، والنادي الأدبي وغيرها من منابر الحضور المشرِّفة وقد تحدث عن تاريخ الشعر الشعبي كما ينبغي، وكما ينتظر المتلقي هذه الاستزادة الإيجابية من الأكاديميين أمثاله الذين يقفون في طليعة من يدركون تمام الإدراك دورهم المتمثل بإضافة ما يفيد للباحث والمتذوق للشعر انطلاقاً واستزادة مما يطرحه الدكتور المعيقل ومن هم في مستوى إلمامه في هذا الشأن، ومما قاله: (الموهوب يستطيع أن يكتب الشعر الشعبي ولا نجعل الوسيلة هي السبب لنصادر رأيه).
كذلك أجرى الأديب والدكتور المعروف عبدالرحمن الفريح - من خلال القناة الثقافية نفسها - لقاء مع الدكتور أحمد الشمري عميد القبول والتسجيل في جامعة حائل والمتخصص في الأحياء والعلوم، وهي رسالة تهدف القناة إلى إيصال فحوى نصها (أن الشعر الذي تعددت تعريفاته من الوزن والقافية والمعنى والمفردة وتفرّعت إلى التداعيات والأخيلة والرمز والصورة لا يقف عند قالب تقليدي أو نحوية جامدة قد تساهم في تصنيفه ضمن النظم لا الشعر الذي يبهر المتلقي، ولكن الشعر هو بما تحتويه القصيدة لا بآلية تقديمها للآخرين) مع كل الحب لأدوات الناقد الفنية وعلم العروض والقافية وعلم البيان وعلم البديع التي نحتكم إليها كقانون أدبي في عالم الشعر.
ومن ذلك ما قاله (الاستثناء) الدكتور الشاعر غازي القصيبي رحمه الله في كتابه «سيرة شعرية» ص227: (لا أدري لماذا اكتشف بعض شعراء الفصحى أن الشعر النبطي خطر داهم ينبغي مقاومته والتصدّي له وكأنه لم يكن خلال معظم تاريخنا صديقاً حميماً للشعر الفصيح يتعايشان دون أن يقضي أحدهما على الآخر).
أيضاً هناك الكثير من البارزين في الشأن الثقافي الأدبي ورأيهم منطقي وأدبي ومنصف ورائع في الشعر الشعبي وإن لم يكن في خانة (التأييد المطلق) له كالدكتور عبدالله الغذامي والدكتور الشاعر إبراهيم التركي وغيرهم من المتميزين الذين نحترم حيادية آرائهم.