وافق مجلس الشورى بالأغلبية على تسوية ما على بعض المواطنين من ديون للدولة أو لغيرها بالحسم من مستحقاتهم لديها، وفقاً لشرطين أحدهما: إذا كان للدائن دين مستقر في الذمة حال الأداء لدى جهة حكومية ومديناً لشخص أو أشخاص ويطالب هو أو دائنوه بأن تسدد تلك الجهة مبلغ المديونية مما لديها؛ فإنه إذا اتفق الأطراف على حوالة دين لدى جهة حكومية، فتقبل تلك الجهة التي لديها الحق الحوالة، وإن لم يتم الاتفاق على الحوالة، فإن للدائن أن يقيم دعوى لحجز ما يكون لمدينه لدى الجهة الحكومية من الديون وفقاً للمادة (202) من نظام المرافعات الشرعية التي تنص على أنه (يجوز لكل دائن بيده حكم قابل للتنفيذ بدين مستقر في الذمة حال الأداء أن يطلب حجز ما يكون لمدينه لدى الغير من الديون؛ ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط، وما يكون له من الأعيان المنقولة في يد الغير).
وثانيهما: إذا كان للدائن دين مستقر في الذمة حال الأداء لدى جهة حكومية ومديناً في الوقت نفسه لجهة حكومية أخرى، فتقوم الجهة الحكومية الدائنة بطلب إجراء المقاصة من الجهة المعنية بين ما للمدين من حقوق وما عليه من مطالبات قبل الحجز على حقوقه لدى أي جهة أخرى، وقبل التنفيذ على أمواله الخاصة وفقاً للمادة (14) من نظام جباية أموال الدولة.
كلام جميل! بما يشير إلى قدرة الدولة على استيفاء حقوقها بالقانون من مواطنيها المسوفين أو المماطلين في السداد، فَلِم لا تأخذ الدولة -أعزها الله- على نفسها بهذا المبدأ وتهب المواطنين حقوقهم المسلوبة من بعض الوزارات والرؤساء المتنفذين؟! لاسيما أولئك الموظفين المجمدين في وظائفهم ممن توقف بهم السلم الوظيفي أو توقفوا به! لا فرق، بدعوى (لا تتوفر ترقيات!) والواقع أنها توهب لناس، ويحرم منها ناس!! وحتى لا تُتعب وزارة الخدمة المدنية نفسها في فك الاختناق وفتح مجال الترقيات للعموم، فقد أضافت خمس درجات للسلم حيث يبقى الموظف الحكومي بالمرتبة ذاتها خمسة عشر عاماً دون ترقية ويُكتفى بالعلاوة السنوية، ثم ما يلبث أن يحرم منها خمسة عشر عاماً أخرى، وبعدها يتقاعد بقوة النظام لبلوغه الستين.. فأيّ ظلم هذا؟ وأيّ إحباط؟ وأيّ سلب لحقه وجهده؟!.
وإن كانت وزارة التربية والتعليم قد أخرجت منسوبيها المعلمين من جور هذا السلم الظالم فوضعت لهم سلماً يشتمل على ستة مستويات بحسب شهاداتهم الدراسية، وبما يليق بمكانة مربي الأجيال، فكانوا أكثر حظاً من باقي موظفي الدولة؛ إلا أن معظمهم لم يسلم، حيث حرموا من مستوياتهم الحقيقية، وحين اشتكوا وطالبوا استمع خادم الحرمين الشريفين لشكواهم، وأمر حفظه الله بتحسين مستوياتهم وتم ذلك ولكن دون درجاتهم المستحقة بحسب سنوات الخدمة، ففقد بعضهم ما لا يقل عن استحقاق عشر سنوات من رواتبهم، بينما أبقوا لهم سنوات الخدمة، حتى أن بعضهم يتقاعد قبل الوصول لآخر درجات السلم الأربع والعشرين! فأين حقهم على دولتهم؟ وكيف يستوفون حقوقهم ممن سلبوها منهم؟ وكيف لمسؤولين في شؤون الموظفين والشؤون المالية أن تقر عيونهم وحقوق مواطنيهم مسلوبة بعلمهم. بينما هم يتحججون بسطوة المادة الثامنة عشرة من النظام الوظيفي الذي لا ينطبق على المعلمين حيث لديهم استقلال من السلم العام.
المحزن في الأمر أن ذلك لا يعد ديناً على الدولة ولا على أولئك المسؤولين الذين سوفوا في بعض القرارات وعطلوا تطبيق بعضها، وإنما يدعى نصيباً، وحظاً، وظروفاً! وما على الموظفين إلا الإذعان والتسليم! وانتظار حظ الآخرة!.