كيف لك أن تعرف أن بلداً ما يتقدم حضارياً أو يتخلف، أرجو ألا تخطئ في الإجابة فتقول لي انظر فيما يلي: حداثة شبكات الطرق وتعدد ناطحات السحاب وعدد المدارس والجامعات، والمطارات والقطارات، والعتاد العسكري الذي تحتويه مخازن السلاح، وتوفر أجهزة حواسيب حديثة...إلخ. في الواقع إن المؤشر الحقيقي الدال على تخلف أو تقدم أي بلد هو مدى احترام قيمة الإنسان، لكن ما هي أبرز مؤشرات احترام أو قل إهدار قيمة الإنسان؟ إن أبرز مؤشرات إهدار قيمة الإنسان هي حرمانه من الحصول على تعليم عالي النوعية، وعدم وقوفه على قدم المساواة مع الغير (أياً كان هذا الغير) أمام قانون له هيبته، وحرمانه من الفرص التي يستحقها بسبب التمييز. دعوني أذكر لكم الحادثتين الحقيقيتين التاليتين اللتين وقعتا في الغرب الكافر: دخل مواطن سعودي متجراً وترك سيارته في وضع التشغيل وبها أطفاله، شاهد شخص السيارة فاتصل بالشرطة، وفي دقائق كانت الشرطة تنتظر الأب عند السيارة، وتم إشعار مواطننا بأنه سيتم إيداع أطفاله في مكان آمن لأنه ليس كفئاً لرعاية هؤلاء الأطفال، ولولا تدخل ممثليتنا هناك وتكليف محامين لتم هذا الأمر. أما الحادثة الثانية فمضمونها أن مواطناً سعودياً رزق طفلاً وعند خروج الطفل من المستشفي رافقت الممرضة المولود وعائلته إلى سيارتهم، لكن الممرضة أعادت الطفل إلى المستشفى بحجة عدم وجود مقعد آمن للمولود في السيارة. تعظيم سلام لتلك الأمة.