لربما يُعتبر الأستاذ ياسر الروقي هو أول أبناء البادية المثقفين الذين يدخلون المجال الإعلامي باقتدار كبير. فياسر الروقي من أوائل مذيعي إذاعة المملكة الذين كانوا يقرأون الأخبار، بجانب عمالقة الإذاعيين العرب الذين جاؤا للعمل في المملكة، وذلك في أوائل الستينات الميلادية، ثم انتقل ياسر للعمل في إذاعة الكويت في مرحلة السبعينات الميلادية بل في مطلعها على وجه التحديد. وكان ياسر الروقي بالنسبة لجيلي من أبناء البادية آنذاك، نموذجاً فذاً للإعلامي المثقف ذي الصوت الآسر، وخصوصاً حينما يقرأ الشعر، ولذلك فلّده الكثير من المذيعين العرب، بل انعكست (بصمة ياسر الصوتية) على أغلب مذيعي الإذاعة الكويتية، فأصبح أستاذاً لذلك الجيل مثلما هو المثال في الثقافة والوعي والأناقة (والكاريزما) المؤثرة، التي تجذب المحبين لها والمقلّدين لها من أبناء البادية.
أما أنا فقد عرفت الروقي عن طريق الشاعر الكويتي الراحل المبدع محمد الفايز، حيث كنت مأخوذاً بتميُّزه في تقديم شعر حديث يتحدث عن البحر، وذلك عبر ديوانه المميّز (مذكرات بحار) والذي كان يقرأ منه بشكل يومي وبطريقة ساحرة هي انعكاس لتأثير ياسر الروقي عليه من حيث روعة القراءة. أقول تعرّفت على ياسر حينما اقتنع بشاعريّتي المذيع الكبير أحمد سالم الذي كان هو مدرسة أخرى بجانب ياسر، وقد حاول أحمد سالم أن يجعل مني مذيعاً من خلال قراءة ديواني الأول (الغناء في صحراء الألم)، ولكن (بشاعة) صوتي حالت دون ذلك، وأراحت المستمعين من تلك الحشرجة النشاز. أقول حينما قابلت ياسر الروقي في ردهات الإذاعة شعرت بفرح كبير، لأنني تعرّفت على (النموذج المثال)، وهكذا تواصلنا حباً ومحبة، وانقطع صوت ياسر عن الإذاعة وعاد ثانية للمملكة ولم أعد أسمع عنه شيئاً!!.
ونكمل لاحقاً.