لا أفهم لماذا لا يتغير واقع شركات المقاولات في بلادنا، فأسماء الشركات العاملة في هذا المجال الذي يُفترض أنه مجال حيوي ومتجدد، هيَ هي. هل السبب هو نظام العقود الحكومية؟! هل السبب هو انعدام الفرص لمؤسسات المقاولات الصغيرة وغياب المحفزات لها؟! هل، كما يُقال، لا بقاء إلا للهوامير التي تأكل كل ما في البحر من أسماك وأعشاب وحتى صخور ورمال؟!
يُفترض، في وجود نهضة عمرانية لا تتوقف ولا تهدأ، أن تتوالى أجيال المقاولين، وأن يُسلم الكبار الرايات للطبقات الوسطى من الشركات، وهؤلاء يسلمونها للمقاولين الجدد، وهكذا حتى تتسع دوائر العمل، وينفتح المزيد من مجالات الاستثمار والمزيد من الفرص والمزيد من البيوت والمزيد من الأفراد الناجين من الفقر والحاجة. أما لو حدث العكس، فإن الحظوة ستكون لفئة أو شريحة واحدة من المقاولين الكبار، أما الصغار، فلن ينالوا سوى الهم والغم والتعب الذي سينتهي بالخسائر وتقفيل الأعمال والمكاتب وتسريح الموظفين والعمال، وربما صكوك الإعسار والسجون.
هل مجلس الغرف السعودية أو الغرف التجارية الصناعية أو وزارة التجارة أو هيئات ومجالس الاستثمار والاقتصاد هي المسؤولة عن هذه الظاهرة؟! هل هي أصلا ظاهرة معترف بها، أم أن الجميع لا يريدون أن يعترفوا بها ويفضلون أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال، خوفاً من إدانتهم وتحميلهم مسؤولية هذا الاحتكار العجيب للفرص التي هي من حق الجميع، سواءً المستثمرين الكبار أو أولئك الذين يبحثون عن موقع استثماري تحت شمس بلادهم؟!