لم يكن تعبير المهندس خالد الزامل مدير حاضنات الأعمال والتقنية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وسخطه، رداً على إحدى المداخلات النسائية لسيدة أعمال استنكرت عدم منحها الترخيص لنادٍ رياضي نسائي، صادراً من فراغ، ولم يكن في موضع غير مسؤول وهو يعلن بوضوح أن تراخيص النوادي الرياضية النسائية تمنح لمن لديه «لحية»! هكذا بكل بساطة تعتبر «اللحية» من أهم مؤهلات وشروط الحصول على ترخيص إنشاء نادي رياضي نسائي! لذلك فإن هذه السيدة المحترمة، سيدة الأعمال المستنكرة عدم منحها الرخصة، ليست لديها «لحية» بكل أسف، وليس في المستقبل المنظور أن تنبت لها «لحية» لا سمح الله! وحتى لو استخدمت كل أنواع إنبات الشعر ومستحضراته، لن تنمو لها لحية تؤهلها للحصول على الترخيص.
لا أعرف كيف تذكّرت ناصر القصبي في إحدى حلقات مسلسله الجماهيري «طاش ما طاش» حينما بدأ يحكّ لحيته الحليقة بسبب حساسية ما، فنصحه الطبيب أن يتركها لفترة حتى يتخلص من تلك الحساسية، فتركها لتكون صدمته العجائبية في مجتمع وثق بمظهره إلى حد السذاجة، فترك الجميع أموالهم بين يديه، وأصبح من ذوي الثروات بسبب مظهره الخارجي فحسب.
فكما يشترط للحصول على ترخيص صيدلية أن يكون الشخص يحمل مؤهلاً جامعياً في الصيدلة، وكذلك ترخيص المستوصف مثلاً، بأن يكون طالبه طبيباً، وغيرها من التخصصات والمهن، توقعنا أن يكون ضمن شروط الحصول على ترخيص إنشاء نادٍ رياضي أن تحمل صاحبته مؤهلاً جامعياً في الرياضة مثلاً، طبعاً لو كان في جامعاتنا المنتشرة في أنحاء البلاد قسم رياضي ضمن تخصصات كليات التربية للبنات، ولكن كيف يكون لنا ذلك ونحن حتى الآن نرتبك رعباً ونتكهرب حينما نسمع أو نقرأ عمن يطالب بإدخال مادة التربية الرياضية ضمن مواد المرحلة الابتدائية للبنات، وكأننا سمعنا إثماً وكفراً وخروجاً عن الملّة، ولا دليل على ذلك أكثر مما سيلي مقالي هذا من تعليقات ساخطة ومتّهمة ومصنّفة.
ولكن يبقى السؤال المهم: ماذا فعلاً لو كان طالب الترخيص امرأة وليس رجلاً، وهي من الطبيعي لن تظفر بلحية حتى تثبت تدينها الخارجي على الأقل، فهل سيأتي السؤال السعودي، الخاص جداً «وش هي من لحية؟» بحيث يؤخذ بعين الاعتبار ألا تكون محتشمة في غطاء وجهها فحسب، بل أن ترتدي قفازات سوداء في يديها وجوارب سوداء في قدميها، وتضع عباءتها فوق الرأس؟! وهل سنعود إلى المظهر كي نحكم على المخبر؟! ثم ألا يوجد قانون واضح بحيث يتعّهد صاحب الترخيص، أيا كانت مهنته، على أن يلتزم بالنظام والأعراف الاجتماعية، وأي إخلال بذلك يعاقب عليه بسحب الترخيص وإيقاف نشاطه؟!
أتمنى من كل قلبي أن يكون هذا الكلام المنشور في جريدة الجزيرة غير صحيح، وألا يكون المهندس الزامل قد قاله فعلاً في هذا اللقاء، وحتى لو قاله أتمنى صادقاً ألا يكون حقيقة متّبعة ضمن شروط منح التراخيص للأندية الرياضية النسائية، حتى لو لم يكن ذلك مكتوباً، وألا تكون اللحية أو أي مظهر من مظاهر الإنسان الخارجية مقياساً لصلاح الإنسان وإخلاصه، حتى لا نثبت بأننا فعلاً صحيح نحكم على المظهر فقط، ذلك المظهر الذي دمرنا لسنين طويلة، على عدة مستويات، كالتعليم والتبرعات والصدقات والعمل التجاري وغيرها.