لا شك أن أنظمة المرور مهمة في كل دول العالم، إذ إن المحافظة على سلامة الأرواح أمر مطلوب ومندوب ويجب التعاون فيه.. ولكن المشكلة التي لازلنا نعاني منها وسنعاني هي (الوعي) لدى المواطن بأهمية التقيد بأنظمة السير سواء كان هنالك رقابة أو بدون رقابة. من درس أو عاش لفترات طويلة في أوربا أو أمريكا رأى بعينه كيفية احترام أنظمة وقوانين المرور بدون عسكر ولا شرطة ولا مرور.. لايزال الاستهتار بالأرواح موجود لدينا لم نتقدم في هذا المجال ونحن في مقدمة دول العالم (حوادث وكوارث مرورية) لفقدان (الوعي) المروري و التحلي بالانضباط المروري بين كافة أفراد وفئات المجتمع.. لاشك أن نظام ساهر يساهم في الحد من كوارث المرور ولكن ليس بالشكل المأمول، إذ إن البعض يرى أنه نظام يجمع أكبر قدر ممكن من المردود المادي، بدليل أنك تقود سيارتك حسب السرعة المحددة في اللوحات المرورية الموزعة على جانب الطريق على سبيل المثال (80 كم) ثم لا تلبث بعد كيلومترات أن تجد بصورة مفاجئة لوحة السرعة تنخفض إلى (60 كم) تماما مثل ما هو مطبق في جسر الخير في جدة وغيره، كما أن توزيع السرعات لا يتناسب مع طبيعة السير المعقولة على الطرق، كما أن اللوحات الإرشادية التي تحدد فيها السرعات دائما ما تكون على جانب واحد من الطريق ومتباعدة وغير مرئية في بعض الأحيان، كذلك أغلب الطرق لا يوجد عليها تحديد سرعة معينة ولذلك نجد أن ساهر يحد من السرعة في حدود المنطقة التي يقف فيها، أما خارج منطقته فلا رقيب. والمرور لم ينجح إلى الآن في الالتزام بتحديد السرعة ولم ينجح في إقناع المتهورين بها، بمعنى أن التهور في قيادة السيارة ونتائجه لم يتمكن المرور من استغلاله ليجعل عملية القيادة الآمنة للمركبة مسألة قناعة (ووعي) وثقافة يحملها قائد السيارة في ذهنه ومخيلته.
كذلك ساهر نفسه يرتكب مخالفات وهو ينهى عنها، ففي الطرق السريعة يتم إيقاف مركبة ساهر في المنطقة الوسطى للطريق الذاهب والقادم، وهذا ممنوع مرورياً على المركبات الأخرى والنظام المتعارف عليه مروريا كذلك من عيوب ساهر أن اللوحات الدائرية الموضوعة على جانب الطريق صغيرة، حيث إن قطرها 40 أو 50 سم وليس هناك لفت نظر للسائق على اللوحات بأن السرعة بعد كيلو واحد ستتغير إلى 70 بدلا من 80 كم.
كما أن نظام ساهر يزيد من (فقر الفقراء) فمعظمهم من كبار السن والذين تجبرهم ظروفهم على القيادة تأتي المخالفة ولا يعلم عنها إلا بعد أشهر أو عند مراجعة لطلب تأشيرة أو جواز أو خلافه، بعد أن تكون المخالفة قد تضاعفت عدة مرات، وهذا أمر يجب النظر فيه وعدم نسيانه كما أن مبلغ تجاوز السرعة (500) ريال مبلغ كبير ومبالغ فيه، إذ إن أغلب المواطنين لا يتجاوز راتبه (3000) ريال وربما دون ذلك، وهذا يعني أن أي مخالفة لا يدري عنها لثلاثة أشهر تأخذ راتبه بالكامل..
أليس ذلك إجحاف.. إنني أحاول القول بأنه لابد من مراعاة ظروف الأفراد والحالات الطارئة وإبلاغ كل فرد بمخالفته في حينها بأي وسيلة، ولابد أن يكون الهدف من ساهر هو محاولة تهذيب سلوك المجتمع بعقوبة منطقية ومعقولة وتسعى إدارات المرور لابتكار وسائل الوعي التثقيفي لاحترام أنظمة المرور بطرق أخرى أخف وأرحم.
alfrrajmf@hotmail.com