ألسنة وأقلام تتحدث في المجالس والمنتديات منادية بوقف ظهور مذيعة أو مقدمة برامج في أكثر من واحدة من الفضائيات العربية لها نهجها وأسلوبها وطريقتها في اختيار قصة شعرها ونموذج أزيائها وحتى درجات الماكياج. الغاضبون من هذه أو تلك يرون أنهن يؤثرن على فتيات في المجتمعات العربية والخليجية ممن يشاهدن مظهرهن ويقلدن كل ما يصنعن، ويرون أن في ذلك إخلالا كبيرا في أخلاق الفتيات وسفورهن إلى آخر ما يقال حول هذه المسألة، ولن أجعل من هذه الحروف والرأي المتواضع دفاعاً عن تسريحات المتتلفزات ولا تأييداً لمن قال وكتب عن الموضوع؛ فأجد أنه من الصعب على فضائية تعرف درجة حضورها بين الفضائيات وتعرف الهدف من إنشائها من الأساس وهو التزود من الدنيا أن تمنع مقدمة برنامج جيء بها للهدف ذاته لتقدم برنامج مسابقات متواضع المستوى يعتمد على التسريحة والأصباغ ودمية كرتونية وديكور يعج بألوان ورسوم غير متناسقة، يصعب على تلك القناة أو أمثالها أن تسمع أو تمتثل لآراء من ينادون بإيقاف المقدمة أو البرنامج، وكأن لسان حالهم يقول: (وش خانة المحطة أجل يالحبيب)؟! لكن ألا نسأل أنفسنا سؤالاً لعله في مكانه: من الذي جعل عقول بعض الفتيات وبعض النساء بهذه الدرجة من التسطيح والفراغ والسذاجة؟ لماذا تكون أُم المستقبل إِمَّعة، لا شخصية لها، تقودها وتستدرجها مقدمة برنامج أو راقصة أو مغنية أو مهرجة أو مفسرة أحلام أو بائعة أعشاب إلى آخر قائمة اللعب بالعقول وتسفيه الأحلام، هل كان أحد يجبر هؤلاء الفتيات والنساء على اتباع هذه الإغراءات وسلب الأموال بعد العقول لولا سذاجتهن وضحالة أفكارهن، وإن فتشت وسألت عن كثير منهن وجدت أنهن إما طالبات أو موظفات تعبن كثيراً حتى حصلن على الوظيفة ثم يبددن جهد وكد شهر كامل مقابل مثل هذه الترهات والقشور. التحصين يبدأ من الأسرة والمنزل بالتثقيف والمصاحبة الحسنة للأبناء والبنات والغوص في أعماق وخفايا نفوسهم وقلوبهم ومصادقتهم وملاحظتهم وعدم تركهم لشاشات الفضائيات دون توعية وتوجيه، خاووا أولادكم وكونوا لهم نعم الرفيق وستجدون أنهم أجيال المستقبل الصالحين الناضجين، وعندها لن تنجح تلك المذيعة أو غيرها في استدراجهم.
شاهدت برنامج (زوايا) للداعية الشيخ نبيل العوضي يتحدث في إحدى حلقاته عن ظاهرة (الإيمو EMO) وقدم معد البرنامج تقريراً أجرى خلاله لقاءات مع شباب عرب وخليجيين كانوا في ملابس سوداء وقصات شعر عجيبة ويضعون حول عيونهم الكحل بدرجات ودوائر مبالغ فيها، قالوا إن لهم مواقع إلكترونية ومطاعم وتجمعات خاصة في بعض المدن، وحين سألهم المقدم هل أنتم مثل إيمو أوروبا وأمريكا تعبدون الشيطان قال كثير منهم نعوذ بالله بل نحن نصلي ونصوم ولا نؤذي أحداً، نَحن مقلدون في المظهر فقط، وهنا تكمن المشكلة إذ يخلص البرنامج في إحدى نتائجه إلى أن مثل هؤلاء لم يجدوا من يراقب سلوكهم ويوجههم إلى الطريق القويم، فهل نهتم بأبنائنا أم نطالب بقتل من ابتدع سلوك الإيمو؟!