|
الدمام - هيا العبيد
تكتسي ملامحهن حزن دفين ويغلب الشرود على تفاعلهن مع الحياة التي عايشنها، انعزلن عن أسرهن، أسباب أفرزتها الحياة والانشغال وأجبرهن على معايشة واقعهن المرير بعد أن وصل بهن المطاف إلى أن يبقين ضيوفاً دائمات في دار الرعاية للمسنات بحثاً عن الكنف الأسري الذي افتقدنه مما جعل البعض منهن في حالة يرثى لها.
هذا حال مسنات دار الرعاية الاجتماعية بالدمام، حيث لم تستطع عضوات اللجنة الصحية التابعة لجمعية فتاة الخليج بالخبر أن يحبسن دموعهن عند مشاهدتهن نزيلات الدار والبالغ عددهن 16 نزيلة، وذلك أثناء زيارتهن للمسنات برفقة «الجزيرة» من أجل إدخال البهجة عليهن ومشاركتهن الفرحة التي اعتادت الجمعية أن تقوم بهذا العمل الإنساني سنوياً برفقة مجموعة من العضوات وتوزيع الهدايا عليهن.
تعالت أصوات بعض المسنات بالسؤال عن أبنائهن، وإحداهن أخذت تسرد قصص حياتها مع أبناء أخيها الذين أحضروها للدار بعد وفاة والدهم ولم يقوموا بزيارتها منذ 6 أعوام، وأخرى كفيفة كانت جالسة في الاستقبال, ارتفع صوتها يلهج بذكر الله، وأن يحفظ الله أمن البلاد واستقراره، وأخذت تروي الحادث المأساوي الذي فقدت فيه زوجها وابنها حتى أصيبت بحالة نفسية أدخلت على أثرها الدار.
تلاعب دمى الأطفال وتحتضنها
لم تكتف الزائرات والعضوات بمشاهدة هذه المآسي للأمهات عندما شاهدن بعضهن في غيبوبة تامة لا يشعرن بمن حولهن، وأخريات مصابات بأمراض نفسية، إحداهن احتضنت دمى الأطفال وأخذت تداعبها وتلامس بها آلامها وأحزانها، ومسنة لم تستطع البوح بالسر الدفين الذي لم تفلح السنوات الماضية أن تمحوه من ذاكرتها سوى دموعها الجياشة وأخذت تقبل يد من تصافحها بحرارة.
ومسنة أخرى أطلق عليها اسم «شاعرة الدار» وكانت حالتها أفضل من غيرها من القاطنات لكونها أقدم نزيلة تجاوزت 20 عاماً، استقبلت وودعت قاطنات الدار إما بحياة أو رحيل إلى الأبد, أخذت تتناول أطراف الحديث مع «الجزيرة» ببعض الأبيات الشعرية، وكان سبب دخولها للدار عدم وجود العائل الذي يقوم على رعايتها بعدما توفي زوجها وتركها تصارع الوحدة مع حرمانها من الذرية.
مشاغل الحياة حرمتني من أبنائي
إحدى الحالات مسنة في العقد السابع من العمر رفضت تناول وجبة الغداء عندما استرجعت شريط الذاكرة أخذت جهاز جوالها تطلع الحضور على صور أبنائها وتعرفهم عليهم والتي اعتادت على رؤيتهم ومنعتهم الظروف من الحضور.
قسم الأطفال
ولا يخلو قسم الأطفال من المعاناة والأسى حينما توصد الأبواب.. وتغلق الدروب.. وتضيق رقعة السبل.. وأمل يعلن عن انهزام اليأس والمرارة.. وتسلق أسوار المعاناة من أجل بناء حاجز منيع من الثقة والتحدي الممتزج بالعزيمة والإصرار.. والانتصار على زوايا الانكسار.
على الرغم من المعاناة التي تواجهها الفتيات وخاصة أن البعض منهن يقطن في الدار سنوات طويلة افتقدن الأمان الأسري بعدما تخلت الغالبية من الأسر عن بناتهن بسبب إعاقتهن... إلا أن هناك نماذج مضيئة وبصمات مشرقة عندما قام البعض منهن بالشرح عن أعمالهن ورسوماتهن وإبداعاتهن الفنية ليعلن عن أنفسهن كونهن في عمر الزهور والبعض منهن تجاوزت أعمارهن 50 عاماً وهن يعانين من التخلف العقلي واضطرابات نفسية وإعاقات حركية لم ينتظرن دخول العضوات عليهن حتى قمن بالتجمهر عند قاعة المسرح ينتظرن من يداعبهن ويلطف همومهن ويشعرهن بالأمان الذي افتقدنه طيلة حياتهن..
عاشت الفتيات جواً أسرياً من خلال الفعاليات التي قام بتنظيمها القسم لهن وتم توزيع الهدايا عليهن التي أدخلت عليهن البهجة وزرعت في نفوسهن روح الألفة بينهن وبين العضوات اللاتي اعتادن على رؤيتهن سنوياً من خلال ما تقوم به الجمعية بهدف تعزيز التكافل والترابط الأسري والاجتماعي بين أفراد المجتمع وتلمس احتياجاتهم ومتطلباتهم ورسم البسمة على محياهم.
المسؤولة عن القسم فوزية الغامدي كانت في استقبال العضوات وأطلعتهم على حالات الأطفال والخدمات المقدمة لهم والأعمال التي تقوم بها الفتيات.
وبينت الغامدي بأن عدد الأطفال يبلغ 240 طفلاً وفتاة، تتراوح أعمارهم من سن الولادة لغاية 50 عاماً للفتيات، تنوعت حالاتهم المرضية ما بين شلل وتخلف عقلي وإعاقة حركية والبعض منهم صم وبكم قام المجمع على رعايتهم وتأهيلهم وتقديم الخدمات اللازمة لهم.