حدَّد الرئيس الأمريكي أوباما قبل فترة أن تعتمد المدن الأمريكية خلال العقدين القادمين على مصادر طاقة متجددة (غير نفطية) بما نسبته 25% على الأقل مما تستهلكه من طاقة.. وكي نلحق بالركب فيجب أن تكون هنالك ضاحية واحدة على الأقل في كل منطقة تواكب التغيّرات العالمية وتجاريها لتحقيق مصلحة بلادنا..
وفكرة الضاحية النموذجية هي محاولة لمحاكاة التطورات التي تحدث في الدول المتقدمة بحيث تكون لدينا على الأقل ضاحية أو مدينة واحدة متقدمة ومماثلها في جميع جوانب كفاءتها للمدن المتقدمة.
والفكرة باختصار هي أن يتم تحديد ضاحية واحدة في كل منطقة من مناطق المملكة تفرغ من اشتراطات وقوانين بنائنا المحلية بحيث تحاكي قوانينها العمرانية واشتراطاتها البنائية مثيلاتها في الدول المتقدمة ضمن قيمنا السائدة ودون تجاوزها. وهذه الضواحي ليست ضواحي اقتصادية تهدف إلى جلب الاستثمارات الأجنبية لها، بل هي ضواحٍ متطورة ذات بيئة عمرانية تؤهلها للتنافس الاقتصادي وعلى الأخص لجذب الاستثمارات المحلية.. فليس لدينا شك أن الازدهار الاقتصادي القوي والمستدام لن يستمر إلا إذا كانت قاعدته بيئة عمرانية مؤهلة لذلك. إن الاستمرار بالأنظمة الحالية العمرانية على كل مناطق المملكة سيؤدي حتماً لنفس البيئة العمرانية التي نعيشها حالياً ولن تخرج بيئة مختلفة إلا بتغيير أداوت ظهورها وأهمها هو القوانين والأنظمة العمرانية. ومن الصعب، بل من غير المنطقي أن نغيّر جميع قوانينا العمرانية لإجراء تلك التجربة، بل الحكمة تتطلب أن نأخذ حالة واحدة ونخضعها لقوانين العمران عند من سبقونا كي نخرج ببيئة عمرانية مميّزة يفترض أن تؤدي إلى نهوض اقتصادي وفكري مستدام في مجتمعنا. هذه الضواحي لن تشكِّل عبئاً مالياً على الدولة لأن التغيير هو فقط في قوانينها وطريقة إدارتها ويجب أن تظل ميزانيتها كما هي ثم نقارن نحن والأجيال التي تأتي بعدنا نتيجة هذه التجربة.. نجزم أن هذه الضواحي إذا كتب لها من الله عزَّ وجلَّ ستكون قادرة على أن توفر ربع طاقتها من مصادر متجدّدة وأنها ستكون مدناً تراعي بيئتنا الصحراوية وأنها ضواحٍ ستكون مركزاً مشعاً للفكر النيِّر فتطور الإنسان مرتبط بتطور العمران.
* معماري ومخطّط وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود