هل يعلم المستهلك أنه لا يكاد يخلو نظام من نص مباشر أو غير مباشر يحمي حقوقه كمستهلك أو يؤثر بشكل أو بآخر على تلك الحقوق؟
هل يعلم المستهلك أنَّ له حقوقًا محميةً في «نظام المحكمة التجارية» و»نظام المطبوعات والنشر» و»نظام مكافحة الرشوة» و»نظام المعايرة والمقاييس» و»نظام براءات الاختراع» و»نظام السجل التجاري» و»نظام العلامات التجارية» و»نظام الأسماء التجارية» و»نظام المؤسسات الطبية الخاصة» و»نظام المختبرات الخاصة» و»النظام الصحي» و»نظام النقل العام على الطرق» و»نظام الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها» و»نظام الاتجار بالأسمدة والمخصبات الزراعية» و»قواعد تنظيم لوحات الدعاية والإعلان» و»نظام مزاولة مهنة الصيدلة والاتجار بالأدوية والمستحضرات الطبية» و»نظام مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان»، وعديد غيرها مما لا تتسع هذه المفارقة لذكرها.
قلة هم الذين يعلمون، وللأغلبية عذرها في عدم العلم، حيث القصور في الإحاطة، وندرة التطبيق وعدم التشهير بالمخالفين.
لنأخذ مثلاً «نظام المحكمة التجارية» الصادر منذ واحد وثمانين عامًا ولنقرأ فيه معًا ما يلي: «كل من يجسر من التجار والدلالين أي السماسرة بأنواعهم على نشر أمور غير صحيحة بين الناس افتراءً بقصد تشويش الأفكار لزيادة أسعار شيء من الأموال أو نقصانه يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر أو بغرامة مالية عشرة جنيهات إلى خمسين جنيهًا».
«كل دلال يدخل فسادًا أو غشًا أو تغريرًا في بيع وشراء البضائع أو يخفي الأثمان الحقيقية بالزيادة أو التنقص يُعدُّ خائنًا ويعاقب أول مرة بالحبس شهرًا أو بغرامة مالية من خمس جنيهات إلى عشر جنيهات وإذا تكرر ذلك يحرم من تعاطي مهنة الدلالة مع الحبس إلى سنة».
«يجب على كل تاجر أن يسلك في أعماله التجارية بدين وشرف فلا يرتكب غشًا ولا تدليسًا ولا احتيالاً ولا غبنًا ولا نكثًا ولا شيئًا مما يخالف الدين والشرف بوجه من الوجوه وإذا فعل ذلك استحق الجزاء الرادع بمقتضى قانون العقوبات المندرج في هذا النظام»، لاحظوا معي عبارة «قانون العقوبات». وللعلم فإن العقوبة التي نص عليها هذا القانون لمثل هذا التاجر قبل ثمانين عامًا كانت الحبس من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر أو بغرامة مالية من عشرة جنيهات إلى خمسين جنيهًا.
«إذا ثبتت أيَّة حيلة أو خيانة من أحدِ أمناءِ النقلِ برًا أو بحرًا أو أحدِ أمناءِ البيع أو أمناءِ الحفظ في إتلاف أو إضاعة البضائع المؤتمنة فضلاً عن الضمان يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر».
المفارقة أننا في هذه الأيام لا نقرأ عن عقوبة أوقعت على تاجر أو سمسار، بسبب ارتكابه لأيٍّ من المخالفات للأنظمة المذكورة أعلاه، فإمّا أن يكون المستهلك قد أقعده الروتين عن الشكوى على التجار أمام المحاكم المختصة، أو أن حيّل التجار باتت من الشفافية ما لا ترصده أعين المستهلكين أو أن شكاوى المستهلكين تضيع في أدراج المسؤولين أو أننا نعيش ولله الحمد في المدينة الفاضلة.