مرة أخرى تتكرر مأساة سيول جدة، والحمد لله أن هذه المرة لم تكن الخسائر ولا الضحايا كالتي حصلت في العام الماضي.
كارثة السيول في العام الماضي كشفت المستور وأظهرت العديد من التجاوزات وفضحت التنفيذ السيئ، بل والتدليس من بعض المسؤولين والمقاولين لبعض المشاريع في مدينة جدة التي كشفت التحقيقات كم كان حجم التجاوزات والمخالفات التي ارتكبها من أوكل إليهم أمانة خدمة المواطنين، وهؤلاء الذين خانوا الأمانة أحيلوا للتحقيق وسينالون نصيبهم، وكان من الممكن معالجة ما ارتكبوا من أفعال في مجملها تعد جرائم ضد أهل جدة، جرائم ارتكبت عن قصد بهدف كسب المال الحرام، فالذي يجيز بناء حي سكني في مجرى سيل، والذي يوقّع على مخططات سكنية يعرف أنها تعترض طريق مسارات السيول حوّلت منازلهم التي اجتهدوا في إنشائها إلى أماكن احتجاز، فقد حاصرتهم السيول، وبعض هذه المنازل شهدت وفاة من أقاموها في هذه الأماكن الخطرة.
مأساة العام الماضي كانت من إيجابياتها أن كشفت المستور، وأظهرت العيوب، وفرضت استعداداً وتهيؤاً لما سيحدث عند تكرار الحدث، وهو ما حصل، لأن الأمطار، وحدوث السيول حدث موسمي، ولذا فقد كان التعامل مع هذا الحدث أفضل من العام السابق، ولكن مع هذا لا يمكن الركون إلى ما تحقق، فمع أن ما شهدته جدة في الأسبوع الماضي اختباراً لجاهزية الأجهزة التي تتعامل مع مثل هذه الحالات، والتي أدت أداءً أفضل وبكثير مقارنة بالعام الماضي، إلا أن سيول هذا العام أكدت من جديد بأن مدينة جدة لا تزال تواجه أخطار السيول طالما لم تستكمل تنفيذ المشاريع الخدمية وبالذات مشاريع الصرف الصحي.