لا جديد، خبرٌ محزن يتصدر الصحف ومواقع الإنترنت الإخبارية، كغيري شاهدت ذلك المشهد الدامي للمعلمات اللاتي قضت بعضهن نَحْبها وبعضهن يرقدن في حالة خطيرة في المستشفى بعدما كنّ في الطريق إلى مدرستهن حاملات دفاتر التحضير وهدايا لطالباتهن وأمنيات بيوم دراسي ملؤه الابتسامة والفرح، الصورة كانت أكثر إيلاماً حينما رأينا دفاترهن وبعض الممتلكات الشخصية في السيارة التي كانت تقلهن، وكأن تلك الأشياء تقول لا تنسونا بل اذكروا كيف كانت النهاية واعملوا لعلكم تنقذون مَن بعدنا مِن المعلمات.. ولكن ذلك القاتل -الطريق- جعل الدماء تسبق الأماني والآلام تسبق السلام، ميلاد ألم يتجدد كل عام، حاملات رسالة العلم تكتب نهاية حياة بعضهن نهاية واحدة (الموت في طريق الذهاب أو العودة من المدرسة).
دماء تنتشر على الطريق، وأسر تتشتت جراء هذه النهاية المؤلمة، ودموع تثقل من تركن خلفهن من أطفال وأهل، ولكننا ما زلنا نشاهد هذا القاتل أمامنا والصمت يكتنف المكان ولا نرى شيئاً يدل على محاولة جادة للحد من ذلك المشهد الدامي المتكرر.
أن نرى حادثاً أو حادثين أو بضعة حوادث فهذا شيء ربما يحصل في أي مكان، ولكن أن يكون موت المعلمات عنواناً رئيساً يملأ صفحات الحوادث في صحفنا فهذه ظاهرة تستحق الوقوف عندها والتساؤل، فالعزاء وحده لذوي المعلمة لا يفيد فهو يطبب الجرح وقتياً، ولكن مع وفاة أي معلمة أخرى ستكون ذكرى لأهل تلك المعلمة المتوفاة في ابنتهم ومعه يُنكأ جرح جديد، فالبحث وتقصي حلول تحمي معلماتنا من هذا الموت المنتظر هو ما ننتظره كي نحمي المعلمات من هذا الكابوس المخيف الذي يتربص بهن الدوائر.
وزارة التربية والتعليم لا تتحمل كل المسؤولية ولكنها تتحمل جُلها، فلماذا لا تتعاقد الوزارة مع شركات نقل كبرى تقوم بنقل المعلمات وتكون مسؤولة عن هذا الأمر مسؤولية كاملة، بدلاً من وضع قَدَر معلماتنا مع سائقين مجتهدين -غالبيتهم من كبار السن والوافدين- الذين يرون في ذلك العمل مصدراً آخر لكسب لقمة العيش، وهل استفادت وزارة التربية والتعليم من إحصائيات الحوادث من الجهات الأمنية المسؤولة حتى تستطيع معرفة الأسباب المشتركة في تلك الحوادث لتقوم بوضع حلول على ضوء ما تجده من نتائج وبذلك يكون الموضوع أكثر عملية وعلمية في طريق حفظ أرواح المعلمات.
سامية ودلال هنّ آخر الضحايا نسأل الله أن يرحمهن ويسكنهن فسيح جناته ويشفي زميلاتهن اللاتي يرقدن في المستشفى بعد حادث طريق تبوك الدامي يوم الثلاثاء الموافق 15-1-1432هـ.
أملنا أن تجد هذه الكلمات صدى وأن نرى ما يحمي أخواتنا وبناتنا من هذا الموت المنتظر، قبل أن تتناثر دماء جديدة وقبل أن تبتلع طرقنا أرواحاً بريئة.
عضو هيئة الصحفيين السعوديين -
Moohmd-2010@hotmail.com