بلدة الجريفة هي إحدى البلدات الواقعة في إقليم الوشم بمنطقة الرياض، التي يرجع قيامها إلى ما قبل القرن الثالث الهجري. وهناك دراسة قيّمة عن هذه البلدة لأحد أبناء الجريفة، هو الأخ مانع بن عبدالله التويم، وقدمها أصلاً ضمن مادة الرسالة القصيرة في برنامج البكالوريوس من قسم التاريخ/ كلية الآداب بجامعة الملك سعود، وقد أيّده في عمل الدراسة والبحث أستاذه في الكلية د. عبدالرحمن بن مديرس المديرس، وبعد نهاية الدراسة امتدحه أستاذه وأشاد بها لأن عمله رائد، خاصة مع ندرة المعلومات عن هذه البلدة؛ فطلب منه بعد مناقشته أن يطوره ليخرجه في كتاب؛ فعمل على إنجازه حتى ظهر بهذا المستوى الذي رأى أنه سد به ثغرة في الدراسات التاريخية عن هذه البلدة.
وقال الأستاذ مانع التويم معد الكتاب إنه قسّمه إلى خمسة فصول، بدأها بدراسة الأحوال السياسية متضمنة النشأة وقيام البلدة وأحوالها الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والحياة العمرانية وحاضر البلدة، واعتمد على الوصف من أفواه الرواة وعلى مصادر عربية قديمة ونجدية حديثة عدة.
1 - نشأن البلدة: تعود نشأة الجريفة إلى زمن بعيد، ولا نبالغ إذا قُلْنا إنها قائمة في عصر الإسلام، ومن ذلك ما ذكر في كتاب بلاد العرب، الذي يرجع إلى الربع الأول من القرن الثالث الهجري، بأن العكرشة والجرفة لبني عدي الرباب، وأشار محقق الكتاب إلى أن الجرفة صُغّرت بما يعرف حالياً بالجريفة، وأما العكرشة فهي روضة في الحمادة تقع غرب طويق، وتعرف هذه الروضة حالياً بروضة العكرشية وهي جنوب الجريفة.
وأما صاحب كتاب معجب البلدان فقد ذكر أن الجرفة موضع باليمامة من مياه عدي بن مناة بن أدّ، وقد علق على ذلك الأستاذ عبدالله بن خميس بقوله: (ولا أعلم موضعاً باليمامة يصدق عليه هذا سوى أن تكون الجريفة). ومما سبق يؤكد أن الجريفة في الربع الأول من القرن الثالث الهجري، ثم تكرر ذكرها في القرن السابع الهجري عندما أشار إليها ياقوت الحموي.
وبعد القرن السابع بخمسة قرون تقريباً نجد أن اسم هذه البلدة (الجرفة) قد صُغّر إلى الجريفة، وذلك في المصادر النجدية، ويرجع ذلك إلى قلة السكان مقارنة بمن سبقوهم، الذين امتد نفوذهم حتى وصل روضة العكرشية. وأقدم تاريخ للمصادر النجدية هو ما أشار إليه الشيخ عبدالله محمد البسام (ت 1246هـ) بأنه في عام 1071هـ صادف فرع من قبيلة عنزة غزو آل ظفير فأخذوهم وقتلوهم قرب الجريفة. وأشار أحمد المنقور في تاريخه عام 1104هـ إلى حصول وقعة بين الفضول وآل ظفير كما ذكرها النجدي أحمد الفاخري (ت 1277هـ)، لكنه لم يُسمِّ القبيلتين، واكتفى بذكر الواقعة، التي كانت قرب الجريفة؛ فُسمِّيت باسمها. ويشير الأطلس التاريخي للمملكة إلى أن بلدة الجريفة تقع على طريق بعض الحملات السعودية، سواء في فترتها الثانية أو في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهي متجهة إلى بلدان القصيم والمجمعة أو القادمة إلى إقليم الوشم في طريقها للرياض.
ومن ذلك ما ذكره المؤرخ عثمان بن بشر في حوادث عام 1365هـ بأن الإمام فيصل بن تركي - رحمه الله - قد رحل من المجمعة بعد صلاة الظهر ونزل قرب الجريفة، ثم رحل منها ونزل أشيقر، ومنها إلى السّر، وكما نعلم أن إقليم الوشم كان من أوائل الأقاليم التي دخلت تحت طاعة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - سلماً.
وعلى ضوء ما سبق وكذلك التاريخ الشفهي يمكن تقسيم تاريخها إلى أربع فترات:
1 - فترة استقرار بني عدي الرباب.
2 - فترة استقرار بني هلال.
3 - فترة استقرار قبيلة العرينات.
4 - إمارة آل تويم.
فبعد أن هجرها بنو هلال؛ حيث وُجِدت آثارهم وهي اللبن الذي يزيد طول الواحد منه على المتر، استقر بها العرينات، ويبدو أن هذا الاسم عُرف على وقتهم، ثم رحلوا منها إلى بلدة العطار بسدير بين عامي 1078هـ و1136هـ تقريباً، وبعد ذلك جاء حسن بن وضاخ، وهو رجل له صفات حميدة، وتزوج من آل جارالله، واختار الجريفة لحُسْن أرضها وموقعها، وذهب إلى العرينات في العطار، واشتراها بسبعين جديرة، وهي عملة عثمانية.
أمراء الجريفة منذ عام 1246هـ
1 - محمد بن حسن بن وضاخ عام 1346هـ، حسب وثيقة الشيخ عبدالله أبابطين.
2 - ابنه عبدالله الذي سُمّي تويم؛ لأن والده رُزق بتوم، توفي أحدهم، وعبدالله سُمّي (تويم).
3 - عبدالعزيز بن تويم عام 1345هـ.
4 - عبدالله بن عبدالعزيز بن تويم (لم يحدد له تاريخ).
5 - سعد بن عبدالعزيز بن تويم عام 1393هـ.
6 - سليمان بن سعد بن تويم حتى توفي عام 1396هـ.
إلى أن تولى الإمارة فيها محسن الرويس ثم سعد مرزوق العتيبي، وحالياً رئيس المركز محمد المسفر ولا يزال، فنالها نصيب من التطوير، وقام سكانها ببناء منازل حديثة، وأُقيمت بها مشاريع بلدية وسفلته ومدخل بمسارين، وما زالت تمتد لها يد التطوير المختلفة. ومن الأسر المشهورة التي سكنت الجريفة أسر: آل زبن من العماير من بني خالد وآل عيسى من بني زيد ومنهم والد معالي وزير العدل الحالي وآل عبداللطيف الذي منهم الأستاذ عبدالرحمن العبداللطيف محافظ المزاحمية سابقاً المنتمون لقبيلة باهلة المشهورة وآل عبدالوهاب والرشيد والمهنا والقصير من بني تميم.
وقد حظيت الجريفة بزيارة سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض عام 1395هـ؛ فأمر بإنشاء طريق مسفلت يربط الجريفة بما جاورها.
(*) رئيس مركز الجريفة