جاء التقرير السنوي لوزارة التجارة والصناعة لعام 1431هـ والخاص بنتائج أعمال هيئات ضبط الغش التجاري متضمناً قيام وزارة التجارة والصناعة بإتلاف أكثر من سبعة وخمسين (57) مليون سلعة من المواد الغذائية الفاسدة التي لا تصلح للاستخدام الآدمي, كما تضمن التقرير إحالة (887) قضية غش تجاري لهيئة التحقيق والادعاء العام. وإزاء هذا الخبر المفجع, اسمحوا لي أعزائي القراء أن أطرح بعض المرئيات ومنها:
- على الرغم من أن موضوع تفشي الغش التجاري في أسواقنا من الموضوعات التي تم تغطيتها بكثافة في مختلف وسائل الإعلام, كما أنها من الموضوعات التي طالما شهدت نقداً وتذمراً من مختلف شرائح المجتمع, وقد أدى ذلك إلى إنشاء عدة أجهزه متخصصة لحماية المواطنين من جرائم الغش التجاري التي يقوم بها البعض من التجار ومنها هيئة حماية المستهلك وجمعية حماية المستهلك, هذا بالإضافة إلى ما تقوم به الإدارات ذات العلاقة بوزارة التجارة وكذلك في مصلحة الجمارك, وقد كنا نعتقد أن تلك الجهود ستؤول إلى تنظيف أسواقنا من انتشار تلك السلع الفاسدة, إلا أن الطامة تمثلت في تضاعف حجم تلك السلع غير الصالحة للاستخدام الآدمي, فهل يعقل بعد كل تلك الجهود أن يبلغ عدد السلع الفاسدة التي تم ضبطها في عام واحد فقط (1431هـ) أكثر من (57) مليون سلعة فاسدة, مما يعني أن نصيب كل مواطن منها (4) سلع فاسدة.*
- تضمن التقرير إحالة (887) قضية غش تجاري لهيئة التحقيق والادعاء العام, والسؤال المطروح هنا, ماذا تمخض عن تلك القضايا وهل صدر عنها عقوبات رادعة كفيلة بالقضاء نهائياً على السلع المغشوشة ووقف بعض التجار عديمي الذمم عند حدهم الذين لا يترددون في المتاجرة بحياة المواطنين من خلال تسويقهم لتلك السلع الغذائية الفاسدة. وهل صدرت أحكاماً بالتشهير بهؤلا التجار وسجنهم والتشهير بهم وإقفال محلاتهم طالما أنهم يرتكبون جرائم إنسانية من خلال متاجرتهم بحياة المواطنين من خلال تسويق تلك السلع الفاسدة.
الجواب بكل تأكيد لا, لم يصدر مثل تلك الأحكام الرادعة, ولو تم ذلك لما وصل حجم السلع الغذائية المنتشرة في أسواقنا وغير الصالحه للاستخدام الآدمي سنوياً إلى (57) مليون سلعة. وللمعلومية فقط, إذا كان حجم السلع الفاسدة التي تم ضبطها في أسواقنا (57) مليون سلعة على الرغم من محدودية إمكانات وقدرات جهات ضبط الغش التجاري, فهذا يعني بأن السلع التي لا تصلح للاستخدام الآدمي والتي لم يتم ضبطها وإنما تم التهامها وأكلها من قبل المواطنين تتجاوز المئات من الملايين من السلع الفاسدة سنوياً, مما يعني زيادة الأنفس البريئة التي تُقتل سنوياً من جراء ذلك, فإلى متى السكوت على ذلك, وإلى متى المرونة غير المبررة في التصدي لتلك الجرائم الإنسانية. وإذا كانت وزارة التجارة قد ضمنت تقريرها السنوي ضبط (57) مليون سلعة في عام 1431هـ على أنه أحد إنجازات الوزارة, فإنني أعتقد بأن ضبط تلك الكميات الهائلة من السلع التي لا تصلح للاستخدام الآدمي سنوياً في أسواقنا لا يعتبر إنجازا وإنما هو إدانة وتقصير من قبل كافة الجهات ذات العلاقة.
* (57 مليون سلعة ÷ 16 مليون نسمة = 4 سلع تقريباً).