|
الليث - سعيد المهداوي:
أسدل الستار صباح السبت الماضي عن حادث آخر المفقودين في سيل وادي عيار بعد أن عثر عليه وقد فارق الحياة، وتم نقله لمستشفى الليث الذي قام بتسليمه لذويه، ومن ثم الصلاة عليه ودفنه في محافظة الليث.
وكان سيل وادي عيار قد تسبب في وفاة شخصين هما: علي حسين البارقي.. ومحمد هاشم البركاتي، بينما نجا محمد شبيب المهداوي.. ومشعل هاشم البركاتي بعد أن تعلقا في الأشجار التي نقلها السيل من مناطق علوية.. وتم إسعافهما وهما بصحة جيدة.
إلى ذلك استرجع أحد الناجين من الموت المحقق في السيول الغزيرة التي شهدتها الليث مؤخراً، القصص المأساوية التي عاشوا فصولها.. وحكى للجزيرة عن اللحظات المثيرة التي عايشوها في الحدث.
حيث التقت الجزيرة بالناجي محمد شبيب في مستشفى الليث العام وقال: بينما كنا نزولاً من عيار إلى الليث قال البعض: (إن السيل قوي ما ينقطع).. وكان معنا محمد هاشم وعلي حسين البارقي -رحمهما الله- ومشعل البركاتي، في سيارة صغيرة، وكانت أمامنا سيارة صالون وقد قطعت السيل، وعندها اعتقدنا أننا يمكن أن نقطعه، وعندما توسطنا السيل في منطقة ضيقة انقطع الطريق فسقطت السيارة، وخرجنا كلنا متمسكين بالأبواب، وبعد فترة ليست بالطويلة سقط السائق علي البارقي من قوة السيل.. ثم سقط محمد هاشم، وناداني مشعل قائلاً إنه على وشك السقوط، فطلبت منه أن يعطيني يده وسحبته من الأسفل، وتماسكنا بقوة، لكنه قال مرة أخرى: (السيل سيسحبني).. فقلت له: امسك بقوة، لكن موجة قوية أطاحت به بعيداً عني.
ويواصل شبيب: ومن ثم عدت إلى داخل السيارة.. ووضعت فمي في أعلاها كي أتمكن من التنفس، وعندما امتلأت بالمياه، خرجت منها إلى اليسار مع السيل، ووجدت شجرة وتمسكت بها، وما هي إلا لحظات حتى انكسرت الشجرة، وبقيت أسيراً للسيل تقذف بي قوته يميناً ويساراً وأحياناً إلى الأسفل، ووجدت نفسي بجانب شجرة أخرى فتمسكت بها، لكن سرعان ما جرفني السيل إلى مجموعة أشجار وتمسكت فيها، وانتظرت من الساعة الثامنة مساءً إلى الساعة الواحدة فجراً، وأثناء ذلك داومت على ذكر الله بصوت عالٍ، وكان السيل يأتيني بقوة في البداية، لكنه خفّ تدريجياً.. وكان يرتطم بقدمي ويدفع الأخشاب والمخلفات التي اقتلعها أثناء جريانه باتجاهي، ثم خلعت ملابسي.
بعد ذلك شاهدت مجموعه من السيارات والأنوار، وسمعت صوت مشعل صديقي يناديني.. وقلت: (أينك يا مشعل)، قال: (أنا قريب منك).. وكنا نسمع بعضنا، وقلت له امسك بقوة بالأشجار التي بجوارك، وبعد لحظات اقترب مشعل مني، فسألته هل انخلعت الشجرة، فقال لا يُوجد لديه سيل، ثم دخلت بين الأشجار وكانت هناك مسافة حوالي اثني عشر متراً، وطلبت منه أن يأخذ خشبة كبيرة ويرميها باتجاهي من أجل التعلق بها والوصول إليه، وقد فعل، وتمكنت من الوصول إليه، وتوجهنا إلى موقع مكَّن أصحاب السيارات التي كانت في الطريق وتمكنوا من مشاهدتنا وأرسلوا سيارة نقلتنا إلى أحد الأصدقاء حيث أمدنا بالملابس والأغطية.
وعلى الفور اتصلت بأخي لإخباره بأنني سالم معافي.. والحمد لله، حيث توقعت أن ينقل البعض أخباراً مغلوطه لأهلي مما يمكن أن يثير مخاوفهم، ولذلك أسرعت بالاتصال بهم.
ومن جانبه ذكر بندر شبيب أخ (الناجي) محمد: بعد الاتصال على الفور اتجهت ووالدي إلى منطقه عيار وقطعنا السيل لنجد الأخ محمد الذي أبلغنا أنه يعاني من دخول مياه كثيرة إلى بطنه، ونقلناه إلى مستشفى الليث العام.. حيث تلقى العلاجات اللازمة بما في ذلك سحب كميات الماء من بطنه.
من جهته قال أحد النحالين الذي نجا بأعجوبة من السيل بعد أن كان قريباً من الحدث: في بداية الأمر سمعت تهليلاً وتكبيراً داخل السيل، واعتقدت أنهم أصحاب الماشية الذين كانوا بالقرب منا، إلا أن التهليل كان لمجموعة أخرى، وبعد ذلك تراجعت الأصوات، ثم كان هناك صوتان، وبعد لحظات كان هناك واحد فقط يهلل ويكبر، ولكننا فور سماعنا التهليل اتصلنا بالدفاع المدني.
من جهة أخرى عمل عدد من المواطنين بجهودهم الذاتية على فتح طرق توصل قراهم بالطرق الرئيسة في المحافظة، حيث تأثرت قرى قفيلان وغميقة وسلبة وجدم ويلملم والغالة بهذه السيول. وتعيش بعض القرى في مركز أضم التابع لمحافظة الليث في عزلة بعد انقطاع التيار الكهربائي جراء سقوط بعض الأعمدة بسبب السيول الجارفة، وكانت مجموعة الكشافة التابعة لإدارة التربية والتعليم بمحافظة الليث قد شاركت في البحث عن المفقودين في وادي عيار، يتقدمهم المشرف التربوي عبد الله البصراوي، ويجيد أفراد المجموعة، التي كانت قد شاركت في الحج، السباحة.