بقلب خاشع متذلل لرب العالمين موقن بأن الموت حق وكأس كل حي سيذوقه لا محالة.
تلقيت نبأ وفاة عمي محمد بن منصور الزرير - رحمه الله رحمة واسعة - صبح يوم الأربعاء الموافق 16-1-1432هـ بعد إصابته بمرض لم يمهله طويلاً.
ولم أملك حيال هذه المصيبة أنا وكل من يحبه من قريب وبعيد إلا الرضا وحمد الله على كل حال مردداً قول الله عز وجل: ?إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ? ومتذكرا لقول الشاعر أبو البقاء الرندي - رحمه الله -:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدنيا لا تبقي على أحد
ولا يدوم على حال لها شأن
فالحمد لله على ما قدر فنحن منه وإليه وليس لنا إلا الصبر والاحتساب، وإلا فمصيبتنا بموته كبيرة أبكت القريب والبعيد، وكل من علم بها، وهذه الدنيا لابد للإنسان من الرحيل منها مهما عاش ردحاً من الزمن، وصدق الباري فقد قال: ?كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ? ولكن تبقى لنا مع عمي بعد موته ذكريات جميلة نطالعها كل ما تذكرناه حينما كان على قيد الحياة من سيرته العطرة التي عطر بها من حوله من حبيب وصديق وقريب وبعيد ممن كانوا يعرفونه ويأنسون بحديثه، فهو رجل لا يمل حديثه والابتسامة لا تفارق محياه، قلبه أبيض لا يعرف الحقد والحسد ولا الضغينة ينام قرير العين وليس في قلبه غل على أحد نحسبه كذلك والله حسيبه، عاش حياته وهو حسن المعشر نقي تقي يحب الخير ويسعى لتقديمه للناس، كل من علم بخبر وفاته بكى عليه وحزن حزناً شديداً حتى بيت الله الذي كان يحرص على التردد عليه لتأدية الصلوات الخمس فقده وكأني بزواياه وأركانه تبكي على فراقه.
يعرف حقوق الجار والأحباب والأصحاب والأقارب فيؤديها كاملة كما عرف عنه ذلك، رحل عن الدنيا والكل يحبه، تركها وسيرته العطرة تملأ الأرجاء والناس شهداء الله في أرضه، فالله أسأل أن يتغمده بواسع رحمته ويفسح له في قبره، ويجعله روضة من رياض الجنة.
صالح بن عبدالله الزرير التميمي -الرس