منعت موظّفة الاستقبال في مختبر المستشفى الجامعي أخذ عيّنة من طفلي بحجّة أنَّ المُمرِّضات السُّعوديات لا يتعاملن مع المرضى الذكور فوق عمر السابعة. طلبت منها أن تُريني نصّ النِّظام ومصدره؟ فقالت: كان مكتوباً هنا على الجدار! وطلبت منِّي أن يذهب الطفل مع والده إلى مختبر الرجال. وزادت: أنَّ هذا هو النظام وعلي الالتزام به؟
قلت لها: نحن في مستشفى أو في مكتب هيئة الأمر؟، هل يحقُّ لكِ أن توجِّهي الناس كيف يسيرون ومع من يذهب أطفالهم؟ هل تفترضي أنَّ ظروف الناس كلها واحدة؟ ردَّت: هذا النِّظام. مسكين هذا النِّظام الذي نفصِّله ونلبِسه على هوانا، المكان مستشفى جامعي يتبع أكبر جامعة سعوديّة هي جامعة الملك سعود ومديرها الدكتور عبد الله العثمان يبذل الغالي والنفيس في سبيل تقدمِّها في التصنيف العالمي، وقد نجح والمُنتظر أن ينجح أكثر. لكن هل من معايير الجودة العالمية أن تتشرّط المُمرِّضة وتحدِّد تعاملها مع سقف سِّن السابعة للأطفال الذكور وتُحرج الأمهات اللاتي يزيد عمر أطفالهن عن هذا العمر، لو سألت أي طبيب مبتدئ عن فئة الأطفال فماذا سيكون ردَّه؟
أنا لم أتضرَّر لأنني خرجت بابني وعملت له اللازم في مستشفى خاص. لكن النِّساء اللاتي خرجن حائِرات كيف يُدخِلن أطفالهن وحدهم لقسم الرجال، ونعرف كم تعاني الأمهات لإقناع أطفالهن بسحب عيّنة الدم، بعضهن قادمات من القصيم ومن جازان ومواعيد رحلاتهن قريبة. بعضهن قادمات مع أطفالهن وحدهن؟
هل مهمّة المنشأة الحكومية هي تقديم الخدمة للمواطن بأقل قدر ممكن من الصعوبات؟ أم أن جودتها تكمن بابتداع أنظمة تعسِّر على الناس وتكرِّههم بالعودة إلى هذه المنشأة مجددا؟!
المستشفيات الجامعية في كل دول العالم تكون بيئة حيوية ومتجدِّدة ومهتمة بالتطوير والجودة. ففيها تجتمع روح العلم المتجددة وعراقة الخبرة وليس من اللائِق بجامعة عريقة متوثِّبة أن تخضع للأدلجة على حساب أخلاقيات المهنة. قبول العمل في مهنة ما يلزم قبول كافة شروطها وظروفها، لا يصح أن تقبل الممرضة السعودية بالوظائف ونبعد الفلبينيات والهنديات المدرّبات من أجلها، ثم تأتي هذه الممرضة السعودية لتتشرَّط على أطفالنا!
هل يعقل أن تفكر ممرضة (ملاك رحمة) بأنَّ مسك يد أبو السابعة وأخذ عيّنة الدم منه جائز، وأبو الثامنة والتاسعة ما يجوز!! لماذا؟ ما الفرق بين يد طفل السابعة وطفل العاشرة؟
المعلمات اليوم في وزارة التربية يدرسن الأولاد في الصفوف الدنيا، وفي قطاع الصحة يبتدعون نظاماً يحرِّم مسك الممرضة ليد طفل الثامنة أو العاشرة؟
الممرضة التي تسأل عن جنس المريض وعمره وجنسيته لا تستحق أن تنتسب لهذه المهنة الإنسانية، والأفضل أن تجلس في بيتها ولا تخرج منه إلا على آلة حدباء محمولة, مثل ما قال خطيب مسجدنا جمعة الأسبوع الماضي، والذي اتهمني والبعض أنني أتقوّل عليه لكنَّني فيما لو سألتني الشؤون الإسلامية عن اسم المسجد سأخبرهم عن اسمه وموقعه - أقول فيما لو - اهتمت ورأت في أن قوله لا يصلح لخطبة جمعة!!